في زيارة وزير الخارجية الأميركي، ريكس تلرسون، لكوريا الجنوبية، الاسبوع الماضي، تحدث عن مشروع الصواريخ والسلاح النووي لكوريا الشمالية، وحذر من أن «سياسة التحمل الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة وصلت ذروتها». وأضاف أن جميع الخيارات تؤخذ في الحسبان، وهذا يشمل القضاء على قدرتها العسكرية، البالستية، والنووية.
يبدو أن السنوات التي سلمت فيها الولايات المتحدة بسياسة كوريا الشمالية الاستفزازية تقترب من النهاية. تطوير الصاروخ البالستي العابر للقارات والقادر على الوصول الى الولايات المتحدة، كان القشة التي قسمت ظهر البعير. ما صلة اسرائيل بذلك؟ بيونغ يانغ تبعد حوالي 8 آلاف كيلومتر عن القدس، لكن تأثيرها الضار ملموس في المنطقة منذ سنين. كوريا الشمالية قامت بتسويق المعلومات النووية لايران، وقامت ببناء المفاعل النووي في سورية، وقدمت تكنولوجيا الصواريخ البالستية لاعداء اسرائيل في الشرق الاوسط. إن مصدر كثير من التهديدات لاسرائيل الآن هو كوريا الشمالية.
إن هذه الدولة ليست الدولة الوحيدة التي يسيطر فيها نظام «هستيري»، يحاول التوصل الى السلاح النووي على أمل أن يمنحه هذا الامر الحصانة من الاجراءات العقابية. وهي تقوم ايضا بتصدير المعلومات التدميرية. الثيوقراطية الايرانية تنتمي الى التصنيف ذاته. فهي لا تقوم فقط بتصدير المعلومات التكنولوجية لحلفائها في الشرق الاوسط، بل تشجع ايضا العمليات الارهابية في المنطقة. وقد قال باراك اوباما على مدى سنين إنه بالنسبة لمشروع ايران النووي «جميع الخيارات مفتوحة». ولكن في نهاية المطاف وافق على التفاوض معها من اجل الاتفاق. هذا الاتفاق الذي لم يقض على البنية التحتية النووية، ولم يفكك الصواريخ. مثل التهديد الذي وجهه لبشار الأسد لردعه عن استخدام السلاح الكيميائي، فان تهديد اوباما لايران تبين أنه تهديد فارغ من المضمون. سلم اوباما باستمرار طهران في الحفاظ على البنية النووية التي يمكن استكمالها وتشغيلها خلال فترة قصيرة.
بالنسبة لايران الموضوع لم ينته: رفع العقوبات بعد التوقيع على الاتفاق مكنها من استثمار الامكانيات في تعزيز «حزب الله» وزيادة تدخلها في الارهاب وتقويتها كدولة تسعى لتكون قوة عظمى في الشرق الاوسط. نأمل أن تعيد الادارة الجديدة في واشنطن النظر في سياستها تجاه ايران مثلما فعلت مع كوريا الشمالية.
هناك لاعب آخر «هستيري» في الشرق الاوسط وهو «حزب الله». مثل ايران، هذه المنظمة الشيعية تسعى الى القضاء على اسرائيل. وهي تمول وتسلح من قبل ايران. زعيمها، حسن نصر الله، على قناعة أنه بفضل أكثر من 100 ألف صاروخ موجهة لاسرائيل، يتمتع بالحصانة التي تسعى كوريا الشمالية الى الحصول عليها بفضل السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى. صواريخ «حزب الله» لا تقدر على حمل الرؤوس النووية حتى الآن، لكن رغم وجود رؤوس تقليدية، إلا أنه يمكنها احداث دمار شديد في اسرائيل والتسبب بقتل الكثير من السكان المدنيين. قد يعتقد نصر الله أن سلاحه يساوي قنبلة نووية صغيرة.
في هذه الحالة، يجب علينا قول ذلك، سلوك حكومات اسرائيل على مر الاجيال هو الذي مكن «حزب الله» من بناء هذا الكم من الصواريخ على أمل أن يرتدع عن استخدامها، رغم أن دقتها ومداها آخذان في التحسن. صحيح أن هناك فائدة في عمليات وقف ارساليات الصواريخ والسلاح من ايران الى «حزب الله» في لبنان، لكن هذا لن يحل المشكلة.
يجب اثارة انتباه الولايات المتحدة الى الخطر الناتج عن صواريخ «حزب الله» تجاه الاستقرار في المنطقة. وهنا ايضا حان الوقت لاعادة النظر والتقييم من جديد.
عن «هآرتس»