لتركيا قاعدة عسكريّة و3000 جندي في قطر؟

thumbgen (9).jpg
حجم الخط

 

باكستان دولة مُسلمة بغالبيّتها الساحقة وديموغرافيّتها كبيرة وجيشها مُهمّ عديداً وعُدّة وخبرة وتأثيراً داخلها وفي المنطقة. دخلت نادي الدول النوويّة من زمان ونالت اعترافاً دوليّاً بذلك. علماً أن أنصار المملكة العربيّة السعوديّة يعتبرون سلاحها النووي سلاحاً للمملكة لأنها موّلته وساهمت في إنتاجه لاحقاً. كما أنّها توظّف قدرتها العسكريّة في مساعدة حلفائها الأقربين. لكنّها رغم ذلك لا تحظى باعتراف دولي واسع بكونها لاعباً مهمّاً في منطقتها الآسيويّة، وفي العالم الإسلامي وخصوصاً الخليج العربي منه. وكل ما يعرفه عنها الرأي العام في العالم وفي الشرق الأوسط هو العداوة بينها وبين الهند وخوفها الدائم منها وأن تدخّلها في أفغانستان إلى جانب الحركات الإسلاميّة المتطرّفة هو في جانب منه لابعادها عن الهند، وفي جانب آخر توظيف هذه الحركات لاستعادة القسم الهندي من كشمير المُسلمة. إلّا أن متابعة باكستان وضعاً داخلياً وسياسة ودوراً إقليميّاً يكشف أنها لاعب مُهم في العالم الإسلامي والعالم الآسيوي والعالم العربي. وانطلاقاً من ذلك كان ضرورياً التعمّق في هذه المتابعة كي يعرف الرأي العام وخصوصاً العربي علاقة دوله بها ودورها السياسي والعسكري فيه، وكي يرى بأمّ العين أنها صارت قوّة إقليميّة كبرى يخافها كثيرون، ويسعى كثيرون إلى خطب ودِّها أو إلى الحصول على "حمايتها" العسكريّة أو على الأقل حمايتها وتعاونها.
ماذا كشفت المُتابعة المُشار إليها؟
كشفت، استناداً إلى باحث آسيوي جدّي ونشيط، أن باكستان تبرز حالياً لاعباً عسكريّاً مٌهمّاً في الخليج رغم "مكافحتها" لإقامة توازن في علاقتها بالمتنافسَيْن الإقليميَيْن السعوديّة وإيران، كما لإقامة توازن مماثل ولكن بين الأقسام المختلفة داخل حكومتها ومؤسّساتها الدستورية والسياسيّة والعسكريّة والأمنيّة.
وكشفت أيضاً أن الانخراط العسكري الباكستاني مع الخليج مُزمن، وأبعد من التورّط في التحالف العسكري لـ 41 دولة الذي أسّسته السعوديّة لمحاربة الإرهاب. علماً أن هناك شكوكاً كثيرة مثبتة في أن الهدف منه كان ولا يزال الحصول على دعم لحملتها العسكريّة المرتبكة في اليمن ولخلق مجموعة دوليّة سُنّية معادية لإيران. وكشفت ثالثاً أن باكستان، إلى جانب تركيا والصين، بدأت تبرز دولة جاهزة لتزويد المنطقة معدّات عسكريّة مهمّة تحتاج إليها الدول المستوردة للأسلحة. وفي هذا المجال قال أندرياس كريغ وهو أستاذ في معهد أكاديميّة الدفاع البريطانيّة: "لا تستطيع دول الخليج تحمّل العقود (العسكريّة) التسليحيّة الغالية جدّاً مع الشركات الغربيّة والمتعهّدين. ولذلك فإنّها ستذهب إلى متعهّدين "أرخص". ولهذا السبب فإنّها تتطلّع حالياً نحو الصين وباكستان وتركيا". وهذا أمر طبيعي جدّاً. أما الانخراط العسكري بمعنى إرسال قوّات فقد يكون أكثر تقدّماً مع السعوديّة، في حين أن قطر تبدو مركّزة على التعاون في تطوير المعدّات العسكرية والأسلحة (الثقيلة؟) وإنتاجها. "وفي العامين الأخيرين" أضاف كريغ: "أدار القطريّون فعلاً ظهورهم للغرب ووجّهوا نظرهم نحو الشرق. وهذا ما تفعله دول الخليج كلّها حالياً".
وكشفت المتابعة نفسها رابعاً أن قطر تبحث مع تركيا وباكستان في إنتاج مشترك لأنظمة دفاعيّة جديدة منها طائرة الهيليكوبتر التركية للاستطلاع والهجوم T-129. كما أنها أبدت اهتماماً بالجيل الخامس من النفّاثة المقاتلة JF-17 التي طوّرتها الدولتان المذكورتان. والطيّارون الباكستانيّون للـ JF-17 أظهروا السنة الماضية في قطر مهارتهم خلال عرض جوّي. علماً أن "مصنع السلاح الباكستاني" فتح لنفسه أخيراً مكتب تسويق وبيع في دبي الإماراتيّة. وعلماً أيضاً أن قطر تبحث في احتمال الاستعانة بقوّات باكستانيّة في أثناء كأس العالم لكرة القدم (المونديال) الذي سيجري على أرضها عام 2022. وعلماً ثالثاً أن تركيا نشرت السنة الماضية قوّة عسكريّة من 3000 جندي وضابط، ومعها وحدات حربيّة بحريّة وجوية ومدرّبين عسكريّين وقوّات خاصة في قاعدة عسكريّة أقيمت حديثاً في قطر.
انطلاقاً من ذلك، يقول المُتابع الآسيوي نفسه، أن لانخراط باكستان في الشرق الأوسط تاريخ مهم. ففي عام 1969 أرسلت طيّارين لقيادة طائرات حربيّة سعوديّة لإزالة اختراق يمني جنوبي للحدود الجنوبيّة للمملكة. وهي كانت ساعدتها في سنوات سابقة في محاولة صنع أوّل طائراتها الحربيّة كما درّبت طيّاريها. وفي أثناء حرب 1973 حلّق طيّارون باكستانيّون في مهمّات حماية حدود السعوديّة.
ماذا كشفت المتابعة الدقيقة لباكستان العسكريّة ثم السياسيّة أيضاً؟