القيادة الفلسطينية تتعرض لـ"ضغط دولي"

55
حجم الخط

لا تنوي السلطة الفلسطينية في المرحلة المقبلة التي تلي تشكيل حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو تغيير سياستها الدولية في طرح الملف الفلسطيني في المحافل الدولية، برغم تأكيد مسؤول رفيع لصحيفة»القدس العربي» اللندنية وجود «ضغوط دولية كبيرة» على السلطة، لحثها على العودة لطاولة التفاوض، مع تلقيها تلميحات برغبة العديد من الدول بعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ونتنياهو في بلد أوروبي.
وفي تفاصيل الملف يشعر قادة السلطة الفلسطينية، خاصة أولئك الملاصقين للملف السياسي، بأن الضغط عليهم سيزداد في الفترة المقبلة، من قبل عدة أطراف دولية خاصة من أوروبا والإدارة الأمريكية، لحثهم على «فتح ملف المفاوضات من جديد».
هذا الشعور أكده مسؤول فلسطيني رفيع لـ»القدس العربي»، إذ قال ان العديد من الدول الأوروبية بدأت بطرح أفكار مع بداية الإعلان عن فوز تكتل اليمين الإسرائيلي في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، على خلاف ما كان الكثير من الغربيين يتوقعون بفوز قائمة الأحزاب اليسارية الأخرى.
ويميل الأوروبيون وتحديدا فرنسا التي تسعى لطرح مبادرة جديدة للمفاوضات في مجلس الأمن، لأن تعود المفاوضات واللقاءات السياسية المباشرة بين الجانبين، في مسعى لتحريك الملف من جديد، في ظل الجمود، الذي حل منذ عام مضى، حين توقفت عملية المفاوضات نهائيا، بانقضاء مهلة التسعة شهور التي حددتها الإدارة الأمريكية التي رعت مفاوضات مباشرة، لم تحقق وقتها أي نتيجة تذكر، وانتهت بتوجه الفلسطينيين للحصول على عضوية العديد من المنظمات الدولية، وآخرها محكمة الجنايات، بعد أن رفضت إسرائيل تنفيذ ما عليها من التزامات قطعت سابقا قبل انطلاق المفاوضات، وبينها إطلاق سراح آخر دفعة من الأسرى الذين اعتقلتهم قبل اتفاق أوسلو.
وداخل أروقة مؤسسات اتخاذ القرار الفلسطيني، تحديدا في طاقم الرئيس عباس السياسي، وفي وزارة الخارجية، هناك خشية كبيرة من زيادة حجم الضغوط الدولية في هذا الاتجاه، وهو أمر جرى تأكيده من قبل المسؤول الفلسطيني، الذي تحدث عن تلميحات بتقليص مستوى الدعم المالي، كما تردد مؤخرا حين نقل عن مصدر دبلوماسي أوروبي قوله أن  الاتحاد الأوروبي أبلغ السلطة الفلسطينية في اتصالات أخيرة، أنه لن يكون بإمكان أوروبا مواصلة الدعم المالي لرواتب الموظفين في غزة في حال استمرار عدم التحاقهم بوظائفهم.
وعلمت «القدس العربي» في هذا السياق أن من ضمن المطالبات الدولية، ما حمل طابع الاستكشاف، من خلال تجديد الطرح السابق على الفلسطينيين بعقد لقاء بين الرئيس عباس ورئيس حكومة إسرائيل نتنياهو، في بلد أوروبي أو حتى في واشنطن، من أجل تبادل وجهات النظر حول حل قضية التفاوض المتعثرة تماما.
ولا تبدو في هذه المرحلة القيادة الفلسطينية مستعدة لتقديم أي تنازلات سياسية، في هذا المجال، خاصة بالنسبة لعقد اللقاء الثنائي، الذي سيفسر على أن له علاقة بتقديم تنازلات سياسية من الجانب الفلسطيني، إذ سيلجأ الفلسطينيون على الأغلب لتنشيط ملف التحرك السياسي في الأمم المتحدة والانضمام لمزيد من المنظمات والهيئات الدولية، مع إعطاء زخم أكبر لملف مقاضاة إسرائيل دوليا في محكمة الجنايات، وكذلك العمل عربيا على إحباط مشروع فرنسا في مجلس الأمن، حيث يسود اعتقاد كبير في دائرة اتخاذ القرار الفلسطيني أن هذا المشروع سيشابه كثيرا طرح الإدارة الأمريكية السابق.
ويطلب الجانب الفلسطيني الذي لم ينقطع عن تلقي الاتصالات الدولية، أن تستأنف أي مفاوضات مستقبلية من نقطة الانتهاء الماضية، ذلك بعد أن يكون المجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة، قد حدد سقفا زمنيا للتفاوض، مع إقرار الجميع على مبدأ إقامة الدولتين على أن تكون الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وأن تخصص المفاوضات المحكومة بمدة زمنية لعملية تسلم أراضي الدولة الفلسطينية الخاضعة للاحتلال.
هذا الموقف الفلسطيني تجاه الحكومة الإسرائيلية الجديدة والتحركات المستقبلية عبر عنه نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة حين طالب حكومة تل أبيب لأن تختار بين السلام أو الفوضى.
وقال في رد على تشكيل هذه الحكومة أن المطالب الفلسطينية واضحة لإخراج العملية السياسية من مأزقها الحالي، وهي القبول بمبدأ حل الدولتين، ووقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، ووقف سياسة العدوان والانتهاكات والاجراءات التعسفية بحق الشعب الفلسطيني.
وأكد على أن دولة فلسطين ستواصل تحركاتها على الصعيد الدولي للانضمام إلى المنظمات والمعاهدات الدولية للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية التي يغلب عليها «الطابع اليميني الاستيطاني».
وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية بانتظار انتهاء المشاورات الفلسطينية والعربية للتقدم إلى مجلس الأمن الدولي بمشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى استمرار العمل في  إعداد الملفات للتقدم إلى محكمة الجنايات الدولية.
ولا يخفي الفلسطينيون شعورا بعدم وجود سند دولي قوي في المرحلة المقبلة، خاصة أن الإدارة الأمريكية التي بدأت بالاستعداد للانتخابات المقبلة، ستكون عاجزة عن قيادة المرحلة المقبلة، والضغط على إسرائيل، في ظل تردي العلاقة بين الطرفين بسبب سياسات حكومة نتنياهو السابقة.
وفي هذا السياق أعرب سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل لارس فوبورغ أندرسين، عن شعور دول أوروبا بـ»اليأس المتزايد» حيال عدم إحراز التقدم في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن السفير قوله خلال ندوة عقدت في جامعة حيفا الليلة قبل الماضية أنه «من الواضح أن المسؤولية عن تعثر عملية السلام لا تقع على عاتق إسرائيل فقط».
وأضاف «إن دول أوروبا لا يمكنها أن تقبل بخطوات تحول دون تحقيق التقدم خاصة تلك التي تتعلق بموضوع أعمال البناء في المستوطنات».
وفي السياق قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون انه سيدرس مع نتنياهو فرص استئناف مفاوضات حول حل الدولتيْن بعد أن تؤدي الحكومة الجديدة في إسرائيل يمين الولاء.
ونقل ستيفان دوجاريتش المتحدث باسم الأمين العام، القول أنه يشعر بالقلق الشديد من إعلان السلطات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة خططا لبناء 900 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وهو أمر غير مشروع بموجب القانون الدولي.
وكانت إسرائيل قد أعلنت نيتها بناء نحو 900 وحدة سكنية في مستوطنة «رامات شلومو» في القدس الشرقية المحتلة، وذكرت تقارير أن المشروع تمت الموافقة عليه في العام 2013، ثم صودق عليه هذا الأسبوع.
وسبق أن فجر ملف الاستيطان مفاوضات سابقة، بعدما رفض الجانب الإسرائيلي الالتزام في وقف الاستيطان.
وتعد ملفات الاستيطان إلى جانب اللاجئين والقدس والحدود والأمن والمياه التي تسمى ملفات الحل النهائي، من أصعب ملفات التفاوض بين الجانبين، وقد أجلت طوال المفاوضات التي جرت في أوسلو، وما تلاها من توقيع اتفاق السلام في البيت الأبيض عام 1993، وكذلك جرى تأجيلها في مباحثات السلام التي تلت تشكيل السلطة الفلسطينية في العام 1994.
وهناك مبادرة عربية طرحتها السعودية وتبنتها القمة العربية تضع حلولا لهذه الملفات، من خلال وضع حد للصراع العربي الإسرائيلي.