لا تترك تصريحات قادة «حماس»، في اعقاب تصفية أحد قادتها، مازن فقهاء، مجالا للشك. سيأتي الرد. والسؤال هو الى أي درجة «حماس» مستعدة للذهاب بعيداً؟ وهل فقهاء هو سبب ملائم للتصعيد في الوقت الحالي؟
على الرغم من مرور أكثر من يوم على الاغتيال، يمكن القول إن «حماس» ما زالت تعيش حالة صدمة، حيث تعرضت لضربة شديدة لم تصحُ منها بعد كي تفكر بوضوح. كانت عملية التصفية مفاجئة ومعزولة عن ساحة الاحتكاك الدائمة مع اسرائيل عند الجدار والأنفاق، وحتى لو كانت اصبع الاتهام موجهة تلقائيا لاسرائيل، إلا أن المنظمة ستحاول فهم ما حدث بالفعل قبل ردها. في هذا السياق سنسمع قريباً عن اعتقالات في القطاع، بما في ذلك «اعترافات» تم أخذها من المتعاونين مع إسرائيل.
بعد مرحلة الصحوة ستضطر «حماس» الى اتخاذ قرار حول كيفية الرد. ويمكن القول إن الرد سيأتي. فالزعيم الجديد في القطاع، يحيى السنوار، سيجد صعوبة في المرور مر الكرام على عملية تصفية أحد نشطائه البارزين، الذي قبع في السجن إلى جانبه، وتم إطلاق سراحه وإبعاده الى غزة في صفقة شاليت. السنوار، الذي جاء ليلة الجمعة الى موقع الاغتيال، سيتحدث عن فقهاء، لكنه سيفكر بنفسه: إن الصمت الآن من شأنه رفع مستوى الاستهداف إلى درجة تهدد حياته.
السؤال المهم حول رد «حماس» المحتمل يكمن في السؤال الى أي درجة استكملت هذه المنظمة استعداداتها لمواجهة أخرى في القطاع، والى أي درجة ترغب في المواجهة في الوقت الحالي. فيما يتعلق بالجزء الاول من السؤال، منذ عملية «الجرف الصامد» تمكنت «حماس» من ترميم أغلبية وسائلها، لا سيما في مجال الانفاق والتصنيع المحلي للصواريخ، وايضا استخدام الطائرات بدون طيار. ولكن التسلح كان أبطأ مما خطط له بسبب صعوبة تهريب السلاح والمواد الأخرى من مصر.
الجزء الثاني من السؤال متعلق بالجزء الأول والأمور الداخلية التي تحدث في القطاع، وعلى رأسها الازمة الاقتصادية المستمرة ونسبة البطالة ومشكلات الكهرباء والمياه والتحديات المتزايدة للمنظمات السلفية. إن المواجهة مع اسرائيل في الوقت الحالي ستساعد قيادة «حماس» على ترك المشكلات جانبا والتوحد حول كراهية اسرائيل. وفي المقابل، هناك خشية من معركة أخرى لن تحل المشاكل الأساسية في القطاع، والأسوأ من ذلك هو فقدان الحكم في أعقاب تهديد وزير الدفاع، افيغدور ليبرمان، بأن اسرائيل ستعمل على القضاء على «حماس» في الحرب القادمة.
في هذا التوتر بين الرغبة في الرد والخوف من التصعيد الواسع، ستبحث «حماس» عن العمل. يحتمل أن تحاول إصابة هدف يساوي في قيمته عملية التصفية. مثلا قتل ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي. لذلك المطلوب حتى اتضاح الأمور أن يقوم الجيش الاسرائيلي بتقليص أهدافه: الابتعاد عن الجدار، والعمل بحكمة وعدم المخاطرة. وهذا ما يفعله في الحدود السورية واللبنانية في أعقاب عمليات القتل التي نسبت اليه في السنوات الأخيرة في سورية.
يحتمل أن تبحث «حماس» عن طريق اخرى. فقد ردت «حماس» بموجة «ارهاب» دموية دفع عشرات الاسرائيليين حياتهم ثمنا لها في العام 1996 رداً على اغتيال يحيى عياش (المهندس). يمكن أن تفضل «حماس» الرد من الضفة الغربية وليس من قطاع غزة من أجل توريط اسرائيل مع السلطة الفلسطينية. وهذه بالضبط كانت الخطط التي عمل عليها فقهاء – ابن طوباس – أي اقامة خلايا «ارهابية» لـ»حماس» في «يهودا» و»السامرة» من أجل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل أو اختطاف جنود من الجيش الاسرائيلي.
يجب على اسرائيل الاستعداد وزيادة الجاهزية في غزة والضفة. ولأن اسرائيل لا تريد التصعيد، يفضل اتخاذ كل الخطوات لمنع هذا التصعيد، بما في ذلك استخدام الوسطاء (خصوصا مصر التي تقربت، مؤخراً، من «حماس») لتهدئة الأمور. إن احتمال استيعاب «حماس» لهذه التصفية ضئيل جداً، ولكن اذا قامت بالرد فمن الافضل أن ترد إسرائيل بطريقة لا تؤدي الى التصعيد، الامر الذي قد يتدهور الى مواجهة اخرى في قطاع غزة.
عن «إسرائيل اليوم»