اتهم المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فرنسا بالتأخر في فتح تحقيق بشأن اتهامات لجنود فرنسيين بالاعتداء الجنسي على أطفال في جمهوريةأفرقيا الوسطي، ملمحا إلى أن الجيش الفرنسي حاول فيما يبدو التستر على القضية.
وقال المفوض السامي زيد رعد الحسين في مؤتمر صحفي بمكتب الأمم المتحدة في جنيف أمس الجمعة "كيف يمكن ألا يدري أحد بحوادث التحرش التي بدأت في ديسمبر/كانون الأول 2013، واستمرت حتى يونيو/حزيران 2014".
وأضاف "انطلاقا من تجاربي يمكنني القول إنه من المؤكد أن أحدا ما في الجيش على علم بالانتهاكات"، مشيرا إلى أن الخبر ينتشر بين الجنود في مثل تلك الحالات.
وكانت السلطات الفرنسية قد بدأت التحقيق في القضية في يوليو/تموز 2014، لكن التحقيق ظل سريا حتى كشف مقال في صحيفة غارديان البريطانية القضية في نهاية أبريل/نيسان 2015.
وجاء هذا التحقيق الفرنسي المبدئي عقب تسلم السلطات الفرنسية تقريرا مسربا من موظف في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة يدعى أندرس كومباس، قبل وصول التقرير إلى الإدارة العليا في المفوضية، وهو ما أثار جدلا واسعا، وقالت الأمم المتحدة إنه "خرق خطير" يمكن أن يعرض الضحايا للخطر.
موقف أميركي
من جهة أخرى، قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سامانثا باور إن "هذه الاتهامات مروعة تماما، وهي اتهامات بالتأكيد موثوق بها جدا ومقلقة جدا"، وأضافت أن السرعة ضرورية في التعامل مع مثل هذه الاتهامات.
في الوقت نفسه طالبت باور بإجراء تحقيق منفصل في تعامل الأمم المتحدة مع هذه القضية، وقالت إن هذا التحقيق يجب أن يركز على السرعة التي وجهت فيها الاتهامات إلى السلطات المعنية وكيفية رد الأخيرة، وكذلك على ضرورة التكتم على هويات الضحايا والشهود.
وصرحت باور للصحفيين قائلة "ينبغي إجراء هذا التحقيق المحايد سريعا، يجب أن يعلن جميع الأفراد، سواء في الدول الأعضاء نفسها أو داخل إدارة الأمم المتحدة، المعنيين بالتعامل مع هذه الاتهامات الخطيرة، هوياتهم ويكشفوا كل ما يعلمونه".
وسئل المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك عن هذه التصريحات، فاعتبر أن الأكثر إلحاحا الآن هو "التأكد من إحقاق العدالة بالنسبة لضحايا عمليات الاغتصاب هذه".
تسريب
وقد أوضح المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن الموظف كومباس عاد إلى وظيفته بعد إبعاده عنها، لكن التحقيق معه متواصل على خلفية التسريب، مشيرا إلى أن نشر الوثائق المسربة قد يلحق الضرر بالأطفال، مستشهدا بقيام إحدى الأمهات الغاضبات التي علمت بتعرض ولدها للتحرش بضربه ضربا مبرحا لاعتقادها بأنه شاذ.
وقد وثق تقرير الأمم المتحدة المسرب الذي يتضمن ملخصا لمقابلات مع الضحايا تلك الاعتداءات الجنسية التي وقعت في مركز للمشردين بمطار مبوكو في بانغي عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى. وقالت وكالة أسوشيتد برس إن بعض الأطفال الضحايا لم تتجاوز أعمارهم تسع سنوات.
واتهم التقرير الأممي جنودا من فرنسا وتشاد وغينيا الاستوائية بارتكاب هذه الاعتداءات، بينما كانت فرنسا تنفذ عملية سنغاريس في أفريقيا الوسطى قبل أن تنشر الأمم المتحدة جنودها في هذا البلد. وأفاد مصدر قضائي فرنسي بأن 14 جنديا فرنسيا مشتبه بهم في هذه القضية.