تنعقد القمة العربية اليوم على الشاطيء الشرقي للبحر الميت بالمملكة الاردنية الهاشمية اي على بعد أمتار قليلة من فلسطين والتى يستطيع القادة العرب ان يشاهدوا وهم في مكانهم اضواء المستوطنات الاسرائيلية التى تسرق ارض الفلسطينيين ومستقبلهم ويمكن ان يشاهدوا اثناء هبوطهم من طائراتهم قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى والبلدة القديمة في القدس التى اقتربت اسرائيل من تهويدها ونزع الضفة الغربية عن القدس بكاملها بل اصبحت تبحث عن تطوير الاستيطان ليتحول الى ضم وتهويد الضفة باكملها
سيشاهد القادة العرب ان مروا بشوارع الاردن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المهجرين قصرا من أراضيهم الفلسطينية منذ سبعين عاما ينتظرون انتهاء معركة العرب مع الصهيونية ليعودوا لديارهم التى شردوا منها وما زالوا ينتظرون الى الان
سيرى القادة العرب البحر الميت الذى اقترب من الجفاف بسبب سرقة اسرائيل لمياه نهر الاردن وروافده ومنع المياه من الوصول لا الى الاردن او فلسطين وحتى البحر الميت نفسه
سيرى القادة العرب الحدود الاردنية الفلسطينية والمعابر التى تسيطر عليها قوات الاحتلال الاسرائيلي وتحدد من يسمح له يغادر او يدخل الى الضفة الفلسطينية وكيف تتلذذ على تعذيب الفلسطينيين يوميا على حدودهم مع جارتهم الاردن العربية
هذا ما سيشاهده القادة العرب بأم اعينهم من قضايا الصراع ومن قضايا مفاوضات الحل الدائم التى اعلنت اسرائيل بأكملها وخاصة بنياميين نتياهو ومنذ حكومته الاولى ١٩٩٦ موقفا واضحا منها وأشهر هذه المواقف لاءات نتياهو الثلاث لا لتقسيم القدس لا لعودة اللاجئين الفلسطينييين لا عودة لحدود ١٩٦٧ وبالتالي حسم نتياهو مواقفه مبكرا ودفن مع رابين الذى اغتيل بسبب تحريض نتياهو واليمين الاسرائيلي ضد التسوية وضد السلام دفن معه اوسلو وما نتج عنها من تخيلات سياسية لإنهاء الصراع على قاعدة حل الدولتين وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية
تنعقد القمة وسط دعوات غريبة لطرح مبادرة فلسطينية او عربية جديده للسلام وكأن مشكلة فشل عملية التسوية بسبب نقص المبادرات او لان المبادرات القديمة أصبحت غير قابلة للتطبيق متناسين ان المبادرة العربية التى طرحت قبل خمس عشرة عاما لم تقبلها أسرائيل واعتبرتها كأنها لم تكن وردت عليها مباشرة بعد انتهاء قمة بيروت بإحتلال الضفة الغربية فى عملية السور الواقى ودمرت ما بنى من ثقة ومن مؤسسات على مدار سنوات وأخرجت من ادراجها خطة تهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري وضم الضفة الغربية وإخراج غزة من حدود الصراع الحقيقي على الارض
تنعقد القمة العربية على شاطيء البحر الميت الشرقي وعلى الشاطىء الغربي يجلس نتياهو وبينت وليبرمان وكحالون وهيرتسوج ينظرون بسعادة الى قادة الأمة العربية الذين يناقشون كيف يقتل بعضهم البعض وكيف تبدد اموالهم لتدمير مقدرات بلدان اخرى منهم وكيف ينتصر بعضهم بالأعداء على بعضهم الاخر وينتظرون منهم ان يمدوا أيادي الباقين منهم عبر البحر الميت لتصافح نتياهو وعصابته لعلها تنصرهم على عدوهم الذي حل محل اسرائيل
سيسمع القادة العرب فى اكبر تجمع لهم وفى اقرب مكان من فلسطين لأرواح الاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى ومئات الاف الاسري من الفلسطنيين وملايين الفلسطينين اللاجئين والمشردين فى المنافي وهم يصرخون بصوت واحد ان كفى للتلاعب بمصير شعبنا ومستقبله فلم يعد للفلسطينيين قدرة على الصبر اكثر ولم يعد لديهم مزيد من الوقت لتضيعه خطاباتكم ولم يعد الانتظار ترفا فقد حان الوقت لاعلاء أصواتكم فى وجه نتياهو وعصابتة وحلفاءه الجدد والقدامى ان لا امن ولا استقرار ولا سلام ولا تطبيع ولا تحالفات الا بعد حل القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين على اساس قرارات الشرعية الدولية
ان هذا يحتاج الى عمل والى استخدام المقدرات العربية والى قطع اي افق لتسوية إقليمية على حساب الفلسطينيين ولا يحتاج الى مبادرات جديدة او حتى قديمة
دكتور وجيه ابو ظريفة
استاذ العلوم السياسية
المحلل السياساتي لشبكة السياسات الفلسطينية