لا نحتاج لمبادرات جديدة .... ولا قديمة

6_1443379753_6374.jpg
حجم الخط

 

تنعقد القمة العربية اليوم على الشاطيء الشرقي للبحر الميت بالمملكة الاردنية الهاشمية اي على بعد أمتار قليلة من فلسطين والتى يستطيع القادة العرب ان يشاهدوا وهم في مكانهم اضواء المستوطنات الاسرائيلية التى تسرق ارض الفلسطينيين ومستقبلهم ويمكن ان يشاهدوا اثناء هبوطهم من طائراتهم قبة الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى والبلدة القديمة في القدس التى اقتربت اسرائيل من تهويدها ونزع الضفة الغربية عن القدس بكاملها بل اصبحت تبحث عن تطوير الاستيطان ليتحول الى ضم وتهويد الضفة باكملها

سيشاهد القادة العرب ان مروا بشوارع الاردن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المهجرين قصرا من أراضيهم الفلسطينية منذ سبعين عاما ينتظرون انتهاء معركة العرب مع الصهيونية ليعودوا لديارهم التى شردوا منها وما زالوا ينتظرون الى الان

سيرى القادة العرب البحر الميت الذى اقترب من الجفاف بسبب سرقة اسرائيل لمياه نهر الاردن وروافده ومنع المياه من الوصول لا الى الاردن او فلسطين وحتى البحر الميت نفسه

سيرى القادة العرب الحدود الاردنية الفلسطينية والمعابر التى تسيطر عليها قوات الاحتلال الاسرائيلي وتحدد من يسمح له يغادر او يدخل الى الضفة الفلسطينية وكيف تتلذذ على تعذيب الفلسطينيين يوميا على حدودهم مع جارتهم الاردن العربية

هذا ما سيشاهده القادة العرب بأم اعينهم من قضايا الصراع ومن قضايا مفاوضات الحل الدائم التى اعلنت اسرائيل بأكملها وخاصة بنياميين نتياهو ومنذ حكومته الاولى ١٩٩٦ موقفا واضحا منها وأشهر هذه المواقف لاءات نتياهو الثلاث لا لتقسيم القدس لا لعودة اللاجئين الفلسطينييين لا عودة لحدود ١٩٦٧ وبالتالي حسم نتياهو مواقفه مبكرا ودفن مع رابين الذى اغتيل بسبب تحريض نتياهو واليمين الاسرائيلي ضد التسوية وضد السلام دفن معه اوسلو وما نتج عنها من تخيلات سياسية لإنهاء الصراع على قاعدة حل الدولتين وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية

تنعقد القمة وسط دعوات غريبة لطرح مبادرة فلسطينية او عربية جديده للسلام وكأن مشكلة فشل عملية التسوية بسبب نقص المبادرات او لان المبادرات القديمة أصبحت غير قابلة للتطبيق متناسين ان المبادرة العربية التى طرحت قبل خمس عشرة عاما لم تقبلها أسرائيل واعتبرتها كأنها لم تكن وردت عليها مباشرة بعد انتهاء قمة بيروت بإحتلال الضفة الغربية فى عملية السور الواقى ودمرت ما بنى من ثقة ومن مؤسسات على مدار سنوات وأخرجت من ادراجها خطة تهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري وضم الضفة الغربية وإخراج غزة من حدود الصراع الحقيقي على الارض

تنعقد القمة العربية على شاطيء البحر الميت الشرقي وعلى الشاطىء الغربي يجلس نتياهو وبينت وليبرمان وكحالون وهيرتسوج ينظرون بسعادة الى قادة الأمة العربية الذين يناقشون كيف يقتل بعضهم البعض وكيف تبدد اموالهم لتدمير مقدرات بلدان اخرى منهم وكيف ينتصر بعضهم بالأعداء على بعضهم الاخر وينتظرون منهم ان يمدوا أيادي الباقين منهم عبر البحر الميت لتصافح نتياهو وعصابته لعلها تنصرهم على عدوهم الذي حل محل اسرائيل

سيسمع القادة العرب فى اكبر تجمع لهم وفى اقرب مكان من فلسطين لأرواح الاف الشهداء وعشرات الاف الجرحى ومئات الاف الاسري من الفلسطنيين وملايين الفلسطينين اللاجئين والمشردين فى المنافي وهم يصرخون بصوت واحد ان كفى للتلاعب بمصير شعبنا ومستقبله فلم يعد للفلسطينيين قدرة على الصبر اكثر ولم يعد لديهم مزيد من الوقت لتضيعه خطاباتكم ولم يعد الانتظار ترفا فقد حان الوقت لاعلاء أصواتكم فى وجه نتياهو وعصابتة وحلفاءه الجدد والقدامى ان لا امن ولا استقرار ولا سلام ولا تطبيع ولا تحالفات الا بعد حل القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل مشكلة اللاجئين على اساس قرارات الشرعية الدولية

ان هذا يحتاج الى عمل والى استخدام المقدرات العربية والى قطع اي افق لتسوية إقليمية على حساب الفلسطينيين ولا يحتاج الى مبادرات جديدة او حتى قديمة

 

دكتور وجيه ابو ظريفة

استاذ العلوم السياسية

المحلل السياساتي لشبكة السياسات الفلسطينية