الأسير مروان البرغوثي : أتمنى الشهادة مرتين من أجل هذا الشعب العظيم

التقاط.JPG
حجم الخط

 

رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين

قرر الأسير القائد مروان البرغوثي أن يقود الإضراب المفتوح عن الطعام يوم 17/4/2017، متزامنا مع انطلاق فعاليات يوم الأسير الفلسطيني مطلقا على هذه الخطوة " معركة الحرية والكرامة" وطارحاً في بيان أصدره مجموعة من المطالب الانسانية والمعيشية المتعلقة بتحسين شروط الحياة لكافة الأسرى والأسيرات القابعين في السجون.

بعد 15 عاما من اعتقاله واختطافه على يد قوات الاحتلال أدرك البرغوثي أن حكومة الاحتلال تسعى لحسم المعركة مع الأسرى في السجون، بالسيطرة عليهم وتحويلهم الى مجرد أشباح وأرقام وتجريدهم من رمزيتهم كمناضلين شرعيين وأسرى حرية قاتلوا وضحوا من أجل الحرية والكرامة والاستقلال.

إن واقع السجون القاسي والاستهداف الرسمي الاسرائيلي للاسرى من خلال إجراءات تعسفية وتشريعات وقوانين عنصرية ووضع كافة انتهاكاتها للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني تحت غطاء القانون، والامعان في سياسة تفريغ المعنى الوطني والنضالي والانساني للأسير المناضل، دفع البرغوثي الى اعلان المواجهة مستنداً الى يقينه بأن هذه الخطوة ستلقى الدعم والمساندة من الجميع سواء الأسرى بالسجون أو من المؤسسات والجمعيات الحقوقية الأهلية والرسمية خارج السجون.

البرغوثي بوعيه وحنكته وحرصه المسؤول على إنسانية الانسان المناضل شعر بالخطر الشديد بالمخطط الاسرائيلي الذي يستهدف تحويل السجين الى سجان، وإغراقه في قضايا ثانوية وشكلية بعيدا عن الهم الوطني والنضالي والمتمثل بالحرية ورحيل الاحتلال والذي قاتل وناضل الأسرى في سبيل هذا الهدف.

البرغوثي في ساحة الاشتباك وجها لوجه لحما ودما وارادة، يرى بأم عينيه حالة التفكك والتشرذم والانقسامات التي سادت صفوف الأسرى، ويرى كيف تحول العمل الجماعي الى عمل فردي، والتراجع الكبير في القيم الوطنية والمفاهيم الأخلاقية والتنظيمية في حياة وسلوك الأسرى، مما يجعل الأسرى فريسة للانقضاض عليهم وشطبهم وتحييدهم عن ساحة النضال، وتحويلهم الى أعباء على أنفسهم ومجتمعهم بدلا أن يكونوا اعباءً على الاحتلال.

البرغوثي يرى أسرى يقضون اكثر من 35 عاما في السجون، يموتون ببطء، فيستنهض الروح من اجل السلام الحقيقي الذي لايبدأ الا بانتهاء الاحتلال، وقد أصبحت دولة اسرائيل دولة سجون ومخابرات، دولة اعدامات ، دولة بوليسية تقف خلف الاسوار والجدران والحواجز والابراج العسكرية ، دولة تعتقل السلام الذي يمثله الأسرى داخل السجون والمعسكرات.

البرغوثي يتحدى نظرية صهر الوعي الاسرائيلية الرامية الى شيطنة الأسرى ووصفهم بالاهاربيين والمجرمين، لا حقوق لهم، وليسوا محميين وفق قواعد وأحكام اتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة ، ووفق مبادىء وشرائع حقوق الانسان والعدالة الكونية، يتحدى هذا الاستفحال المتواصل بقمع الاسرى وامتهان كرامتهم وحقوقهم وإذلالهم على مدار الساعة.

البرغوثي يتحدى نظرية " الكابو" التي استمدتها اسرائيل من التجربة النازية في التعامل مع المعتقلين عندما تصبح مصلحة الأسير متماثلة ومتماهية مع مصلحة السجان، بإغراق الاسرى بامتيازات سخيفة على حساب الوحدة الوطنية والجماعية والأهداف النضالية لأسرى بصفتهم أسرى حركة تحرر وطني.

البرغوثي يعيش في السجن حالة الحرب الاقسى التي تشنها حكومة الاحتلال على المعتقلين ، بصمت وهدوء وبألم شديد، العزل الجماعي والانفرادي، التعذيب المنهجي المتواصل ، اعتقال القاصرين، الاحكام الجائرة بحق الأسرى في محاكم الاحتلال، منع عائلات الأسرى من الزيارات ، الاهمال الطبي وتفاقم الامراض في أجساد المعتقلين، الاعتقالات الادارية التعسفية والغير قانونية ، انه يعيش حالة صراع بين الحياة والموت.

البرغوثي اعلن قراره بالانتفاض على الجلادين وقوانينهم الظالمة، مذكرا العالم بأسره وكافة مؤسسات المجتمع الدولي بإن للاسرى شخصية قانونية ونضالية ، فهم أسرى دولة فلسطين المحتلة، وهم أسرى شرعيين وفق قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية، وان حكومة الاحتلال باستهدافها الاسرى تستهدف العدالة الانسانية ، وتشكل خطرًا على الامن والسلم في العالم، وعلى كافة القيم والثقافة والمبادىء الانسانية.

البرغوثي يتحدى تصريحات ليبرمان وقادة اسرائيل المتطرفين الذين وصموا الأسرى بالمجرمين والارهابيين واعتبروا الصندوق القومي الفلسطيني الداعم لأسرى م ت ف منظمة ارهابية، والذين تكالبوا في سن قوانين تدعوا الى اعدام الاسرى والتضييق على حياتهم وحرمانهم من حقوقهم الاساسية، ليواجه دولة اسرائيل التي اجمع العالم انها اصبحت دولة ابرتهايد في المنطقة ، ودولة تصعد نحو الفاشية والتطرف والفساد الاخلاقي.

البرغوثي يريد أن يعيد هيبة الحركة الاسيرة من جديد، وحدتها وتماسكها وثقافتها، ويفضح ما تقوم به حكومة الاحتلال من جرائم جسيمة بحق الأسرى تخالف ميثاق المحكمة الجنائية وكافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وكأنه يوجه دعوة ساخنة من خلال الاضراب المفتوح عن الطعام الى العالم ليدعوه الى اتخاذ القرار وامتلاك الارادة الكافية بإنهاء أطول احتلال في التاريخ المعاصر، ومحاسبة وملاحقة دولة الاحتلال على انتهاكاتها المتصاعدة تجاه حقوق الانسان الفلسطيني.

البرغوثي يحاكم الاحتلال للمرة الثانية، المرة الاولى في قاعة محاكمته عندما وجه لائحة اتهام ضد الاحتلال واتهامها باقتراف جرائم القتل الجماعي والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، والثانية بإعلانه خوض الاضراب المفتوح مع سائر الاسرى لمحاكمة دولة الاحتلال اخلاقيا وإنسانيا وثقافيا وفتح ابواب السجون على مشاهد المعاناة التي لا تطاق.

البرغوثي يخلع قميص السجن، ويفك قيوده ، ويقول: (انا صناعة فلسطينية 100%، واللي صنع مروان هو الشعب الفلسطيني، وأنا أعتز بذلك، وسوف نستمر بالنضال والكفاح مهما كان الثمن وفاء لهذا الشعب العظيم الذي يستحق ان نضحي من أجله ألف مرة ومرة، وإذا كان الواحد يمكن أن يستشهد يحب يرجع من أجل أن يستشهد مرة أخرى من أجل هذا الشعب، طبعا احنا بنحب الحياة ونقاتل من أجل الحياة ومن أجل الحرية ، ولكن اذا كان ثمن حرية الشعب الفلسطيني أن نسجن، أن نعاني، أن نعذب فنحن مستعدين لذلك).