حول يوم الأرض وأهمية العودة إليها!

التقاط.JPG
حجم الخط

 

كما نفعل منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، نقوم بتكريس الثلاثين من آذار من كل عام كـ " يوم الارض"، وهو اليوم الذي يحمل المعاني والرموز والذكريات، ويؤكد على التلاحم بين أبناء الشعب الفلسطيني، في داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية وغزة والقدس وفي الخارج، وهو اليوم الذي يعني الحفاظ على الأرض، وعلى ما تحويه من ثروات طبيعية وبشرية وتراثية، وبالتالي منع تلوثها والحد من خصوبتها وتداعيها.

ولكن وفي خضم الاحتفالات والذكريات والمهرجانات والمسيرات التي ترمز للحفاظ على الأرض، من المفترض أن نعمل على استغلال هذه الأرض، بما تشمل من تربة ومياه ومن نباتات ومن تنوع حيوي، ومن حيز، من أجل الإنتاج ومن أجل الاعتماد على الذات والبقاء وتحقيق التنمية المستدامة، أي التنمية التي لا تستنزف الارض، وهذا يعني استغلال الارض بأفضل الوسائل والمجالات، ومنها قطاع الزراعة، كقطاع إنتاجي، من الدعائم الاساسية، والمستدامة للاقتصاد الفلسطيني.

ويحل " يوم الارض" ونحن نقرأ تقارير محلية ودولية، تشير إلى أن مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي قد تقلصت الى أكثر من النصف، أي من حوالي 9% في عام 1999 الى أقل من 5% في عام 2016، وبما أن هذه التقارير قد أشارت الى أن من ضمن الاسباب التي أدت الى ذلك، هو القيود للوصول الى الأرض والمياه، خاصة في المنطقة او الارض الفلسطينية المصنفة "ج"، الا ان هناك أسباب اخرى، يمكننا التحكم بها، ومن خلالها يمكن إيلاء الاهتمام المطلوب للارض ولهذا القطاع الانتاجي الهام، وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك في تحقيق الأمن الغذائي والاعتماد على الذات، من حيث توفير المنتج الوطني، وبالتالي الحد من الارتفاع المتواصل في الأسعار، والأهم ومن خلال زيادة الإنتاج العمل على تشغيل المزيد من الأيادي العاملة.

وبمناسبة يوم الأرض، والاهتمام بالأرض، وبالتالي الاهتمام بالزراعة في هذه الأرض، فإن هناك إجراءات او وسائل دعم من الممكن القيام بها في هذا الصدد، وبالأخص من خلال الحكومة والجهات الرسمية، منها التسهيلات الضريبية للعاملين في الزراعة، وتوفير المواد التي تتطلبها الزراعة الحديثة من بلاستيك وأسمدة ومبيدات آمنة أو غير خطيرة، والمزيد من الارشاد الزراعي بأنواعه المختلفة، والذي لا يكفي الموجود منه حالياً، الارشاد فيما يتعلق باختيار المحصول المناسب للأرض، والارشاد حول استعمال الكيماويات في الزراعة، والارشاد فيما يتعلق بالقطف والتسويق.

وكذلك الدعم ليشمل المزيد من التخطيط الزراعي والنظرة الوطنية لذلك، من حيث استخدام المياه والأرض بشكل يتلائم مع الاحتياجات، ومن حيث الاستهلاك المحلي أو التصدير، ومن حيث فتح الاسواق الخارجية، ومن حيث التنسيق لحماية المنتج الوطني، سواء من خلال العطاءات اواصدار المواصفات أو الفحوصات المخبرية، والدعم يشمل التوجه نحو الأبحاث العلمية التطبيقية، التي تعمل على تبيان خاصية التربة، وتربط ذلك مع تلبية حاجات القطاع الزراعي وحل مشاكله المحددة، والعمل على ايلاء التدريب الزراعي الاهمية، بدأ من المدارس وحتى الكليات المتخصصة، والعمل على تقديم الحوافز والضمانات للقطاع الخاص للتوجه وللاستثمار في الزراعة، وكذلك العمل على ازالة تلك النظرة غير المنطقية التقليدية الى القطاع الزراعي بأنه ليس اولوية وليس مربح وليس بالخيار الاول للعمل او للاستثمار فيه.

ومن المعروف ان منطقة الاغوار الفلسطينية، الذي تمتاز تربتها بالخصوبة العالية ، قادرة على انتاج محاصيل متنوعة، للاستهلاك المحلي وللتصدير، وهي تحوي حوالي ثلث احتياطات الضفة الغربية من المياه الجوفية، وتشكل حوالي 45% من المناطق المصنفة "ج"، ورغم ان هناك عوائق اسرائيلية للوصول الى الارض في الاغوار ومن ثم استغلالها، الا انه ورغم الحديث المتواصل عن اهميته للاقتصاد الفلسطيني، وللدولة الفلسطينية، يبدو اننا لم نقم بالمطلوب نحوه، ولم نقم بإنشاء هيئة وطنية لتطوير او لدعم الاغوار مثلا ، حيث أشار احد التقارير الدولية، ان انتاج المستوطنات الاسرائيلية في منطقة الاغوار الفلسطينية فقط يصل الى اكثر من 500 مليون شيكل سنويا، ، وحسب التقرير فان منطقة الاغوار يمكن ان تدر للاقتصاد الفلسطيني، حوالي مليار دولار سنويا، اذا تم استغلالها بالكامل، اي اذا تم ازالة العوائق الاسرائيلية، فدعنا نفترض اننا وفي يوم الارض، قد قمنا باعتبار ذلك اولوية وطنية، وباشرنا العمل من اجل تحقيق ليس الاستغلال الكامل، ولكن استغلال نسبة معينة من هذا البقعة الحيوية التي تحوي كل المقومات للانتاج.

وفي ذكرى"يوم الأرض"، لا شك ان هناك العديد من الخطوات التي يمكن القيام بها لدعم الأرض وللحفاظ عليها، وبالتالي لدعم القطاع الزارعي الفلسطيني كقطاع انتاجي حيوي للاقتصاد ولدر العملات الصعبة وللحفاظ على توفر الانتاج وعدم رفع الاسعار وبالتالي الامن الغذائي والاجتماعي، والذي بدوره يؤدي الى توفير المزيد من الفرص للعمل، والى الحفاظ على الاسعار، والى توفير المنتج الوطني، والاهم الى تحفيز القطاع الزراعي المرتبط بشكل مباشر بالارض، كقطاع انتاجي مستدام.