نتنياهو يتبنى صيغة بينيت القاضية بتأجيل الحل مع الفلسطينيين

88c2de9f59b153fa6a5dd5ac991f5906
حجم الخط

من تابع محاولات بنيامين نتنياهو تشكيل الحكومة فإنه شاهِدٌ على المساومة المهنية حول الحقائب الوزارية، ميزانيات ومراكز قوة من جانب مفاوضين بارعين. لكن هذا كان هو الحال فوق الأرض. أما من تحته فكانت تجري عملية أخرى: اسرائيل وضعت في وضع يتعذر فيه اقامة مبنى سياسي دائم. لا ينجح الـ 67 وايضا ليس الـ 61 في الصمود لولاية كاملة، بدون أن تنفض الكنيست ونذهب الى جولة انتخابات جديدة (إلا إذا تكتل الجميع في لحظة حول جولة قتالية).
هذا الوضع هو نتيجة مباشرة لعملية اكتشاف الحقيقة، التي بدأها نفتالي بينيت وعدل بها المنظومة السياسية كلها. منذ 1967 كان مقبولا الافتراض أن تبقى اسرائيل تحتفظ بـ "المناطق" كورقة مساومة في اتفاق سلام مستقبلي. لم يكن هذا الموقف الرسمي لاسرائيل فحسب بل ايضا كان موقفا يمكن استنتاجه من خلال قرار عدم ضم اغلبية "المناطق" المحتلة.
السيطرة على الشعب الفلسطيني بدت دائما كوضع مؤقت، وأن اسرائيل تبحث عن طرق لانهائه. وعندما زعم اليسار أن اليمين لا يريد السلام، أوضح اليمين أنه يريد السلام ومعني بانهاء السيطرة على الفلسطينيين، ولكن فقط عندما يتم تأمين شروط الأمن التي تهدئ من روعنا، أي أن اليمين دعا ببساطة إلى أن يكون هو الممثل لمصالح الدولة في المفاوضات مع الفلسطينيين.
انتظمت المنظومة السياسية حول هذه الرواية، التي في نظرة انتقادية الى الوراء، تبدو ككذبة منظمة. لكن كل هذا تحطم مع بينيت. حسب ما يرى بينيت،فإن اسرائيل والفلسطينيين ليسوا في عملية سياسية. اسرائيل لن تعيد "المناطق"، والفلسطينيون – باستثناء نحو 50 ألف يقترح بينيت منحهم الجنسية – سيبقون تحت الحكم الإسرائيلي. أي ملايين الاشخاص بدون مواطنة سيعيشون تحت الحكم العسكري الاسرائيلي.
نتنياهو، في اعقاب بينيت، ويبدو من خلال تجربة التوجه نحو ناخبي "البيت اليهودي"، أعلن قبل ايام من الانتخابات أنه اذا تم انتخابه فلن تقوم دولة فلسطينية. أجريت الانتخابات، اذاً، بناء على امكانية صيغت على يد بينيت وتم تبنيها من رئيس الحكومة لمواصلة السيطرة العسكرية على الشعب الفلسطيني حتى اشعار آخر، وبدون الاعتذار. ازاء الامكانية السياسية الجديدة التي بسطت على خارطة الوقائع، طلب من المنظومة السياسية اعادة تنظيم نفسها من جديد.
لكن المشكلة هي أن دولة تتفاخر بكونها ديمقراطية، ليست مؤهلة لتقرر السيطرة بالقوة على ملايين بني البشر. إن الامكانية التي عرضها بينيت وتبناها اليمين، غير ممكنة. الحل لا يمكن أن يكون عدم حل. اضافة الى ذلك فان مجرد صيغة فكرة اللاحل كامكانية شرعية سيبقي امكانية الوضع الراهن كوضع مؤقت فقط "حتى يحل السلام".
من سيثق الآن باسرائيل، عندما تعلن أنها تتوق الى السلام بدون أن تتخذ خطوات فعلية لحل العقدة التاريخية بينها وبين الفلسطينيين.
بينيت، الذي صاغ الأفق السياسي لليمين، ونتنياهو الذي تبنى روح تلميذه المخلص، أغلقوا الدائرة على حركة تاريخية باتجاه شيء ما. وبهذا أوقعوا كارثة بالدولة. لأن مصير الشعبين يرتبط الواحد بالآخر: اذا لم يكن هناك حل للمسألة الفلسطينية فليس هناك مستقبل للدولة الاسرائيلية. والى أن يدرك الاسرائيليون ذلك فانهم سيواصلون توزيع الحقائب بينهم كل بضعة أشهر.

عن "هآرتس"