خطط مازن فقهاء، الذي تحرر في صفقة شاليت، لتحويل عيد الفصح القريب الى حمام دماء بالنسبة لمواطني إسرائيل. فقهاء، الذي أرسل في العام 2002 "مخرباً انتحارياً" الى الحافلة في خط رقم 361 قرب ميرون وقتل تسعة اسرائيليين، سعى الى تنفيذ عمليات شديدة مشابهة في الوقت القريب، لكنه لم يتمكن من ذلك. فقد صفي ليلة السبت الماضي بأربع رصاصات مع كاتم للصوت قرب منزله في غزة. وحسب المصادر الاجنبية والفلسطينية، اسرائيل هي المسؤولة عن التصفية. شريكه، عبد الرحمن غنيمات، الذي طرد هو ايضا الى غزة في صفقة شاليت، ما زال على قيد الحياة.
خلايا "حماس"، التي كشف عنها "الشاباك" في الاشهر الاخيرة كانت من صنع الاثنين، فقهاء وغنيمات، مع محررين آخرين في الصفقة، نسقوا خلال فترة طويلة اعمالهم مع نشيط آخر من "حماس"، هو صالح العاروري، الذي تواجد حتى الاونة الاخيرة في تركيا، والآن، بضغط من اسرائيل ومن الولايات المتحدة، تم إبعاده من هناك الى قطر. قيادة "حماس" في الضفة الغربية المكونة في معظمها من محرري صفقة شاليت طلبت إبعاد بصمات غزة من اجل عدم اسقاط سكان القطاع في حرب اخرى، والذين لم يتعافوا بعد من أضرار "الجرف الصامد".
العنوان الرئيس للعمل الذي تخطط له قيادة "حماس" في الضفة الغربية كان عملية اختطاف أخرى لجندي أو مواطن مثل عملية اختطاف جلعاد شاليت. والهدف العلني هو اطلاق سراح أصدقائهم الذين لم يتحرروا في الصفقة، وبقوا في السجون الاسرائيلية. في لحظة تحررهم من السجن لم يتوقف من طردوا الى غزة عن التخطيط لعملية اختطاف على أمل اعادة الانجاز الكبير لـ "حماس" منذ العام 2011 وهو اطلاق 1027 أسيرا، الكثيرون منهم أياديهم ملطخة بالدماء.
صفقة شاليت، كما تعترف اسرائيل الآن، ساهمت ليس فقط في ازدياد "الإرهاب"، بل أدت الى يقظة صفوف قيادة "حماس". القيادة الجديدة للمنظمة تعطي دعمها الكامل لقيادة الضفة الغربية في التخطيط لتنفيذ العمليات وخاصة الاختطاف. القيادة الجديدة لـ "حماس" مليئة بالاشخاص الذين قبعوا سنوات طويلة في السجون الاسرائيلية، وهؤلاء الاشخاص يلتزمون باطلاق سراح اصدقائهم الذين بقوا في السجون.
الاختطاف كهدف اساسي
يحيى السنوار، الذي كان شقيقه محمد على صلة بعملية اختطاف جلعاد شاليت في حزيران 2006، حكم عليه في العام 1989 بأربعة مؤبدات بسبب تخطيط وتنفيذ عمليات اختطاف جنود. واستمر السنوار في التخطيط لعمليات اختطاف الجنود، بما في ذلك اختطاف نحشون فاكسمان اثناء وجوده في السجن، وكان على صلة بالتخطيط لعدد من العمليات التي قتل فيها مواطنون اسرائيليون وفلسطينيون اشتبه فيهم بالتعاون مع اسرائيل.
بعد 22 سنة في السجن الاسرائيلي تحرر السنوار في صفقة شاليت. وفي خطابه النادر طلب من الذراع العسكرية لـ "حماس" وجميع التنظيمات الفلسطينية العمل فورا على اطلاق سراح "السجناء الفلسطينيين الذين بقوا في السجن". وقد ذكر السنوار بعض الاسماء، ومنها حسن سلامة، الذي حكم عليه 46 مؤبدا، وهو المسؤول عن قتل عشرات الاسرائيليين في العمليات "الانتحارية".
في دي.ان.إيه خليل الحية، نائب السنوار، ترسخ قضية الأسرى، وكذلك الوسيلة – اختطاف الجنود من اجل تحقيق ذلك. الحية كان في طاقم المفاوضات لاطلاق سراح "المخربين" في صفقة شاليت، وفي السنة الماضي قال علنا بأن "حماس ستستمر في بذل الجهود لاختطاف الجنود من اجل مبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين المعتقلين في اسرائيل".
الشخص الذي لا يقل عن الحية في الالتزام بـ"الإرهاب" وعمليات الاختطاف هو روحي مشتهى، وهو محرر آخر في الصفقة، وهو من ضمن قيادة "حماس" الجديدة الى جانب السنوار. الحية مكث في السجن الاسرائيلي 24 بعد الحكم عليه بسبعة مؤبدات بسبب قتل المتعاونين مع اسرائيل. وقد وضعت "حماس" في يده ملف الأسرى. ومشتهى ايضا يتحدث عن الحاجة الى اختطاف المزيد من الجنود لعقد صفقة اخرى.
التزام قادة "حماس" المحررين في صفقة شاليت بالاستمرار في عمليات الاختطاف لا يغيب عن قادة الاجهزة الامنية الاسرائيلية. وقد كان محررو الصفقة على صلة بعدد من محاولات الاختطاف التي تم احباطها: خلية من بيت لقيا خططت لاختطاف اسرائيليين وأعدت مغارة لإخفاء المخطوفين. خلية لـ "حماس" في "السامرة" مولها محررو صفقة شاليت في غزة من اجل الاختطاف. محرر من صفقة شاليت جند نشطاء لـ "حماس" من المزرعة الشرقية لاختطاف إسرائيليين. أو توجيهات لتنفيذ الاختطاف، التي ارسلت الى البلاد من قبل عمر أبو سنينة، وهو محرر آخر في صفقة شاليت.
كل ذلك وعشرات عمليات الاختطاف الاخرى التي وضعها محررو صفقة شاليت في غزة تم احباطها من قبل اسرائيل.
50 في المئة من محرري صفقة شاليت
مع مرور السنين يتبين حجم الضرر الذي سببته صفقة شاليت، بالضبط كما حذر من عارضوها مسبقا. وبناء على صفقات أو مبادرات حسن نية سابقة. الاضرار تتراكم وتمتد الى عدة مجالات: ملء قيادة "الإرهاب" بالدم الجديد للاستمرار في العمل المسلح والعمليات والاختطاف، رفع معنويات الشارع الفلسطيني في غزة والضفة لصالح خيار "الإرهاب"، تحويل المحررين الى ابطال ونماذج للتقليد، والاهتمام المباشر أو غير المباشر لاغلبية المحررين بـ"الإرهاب"، سواء في تنفيذ العمليات أو التحريض وتقديم المساعدة.
البروفيسور بوعز غانور، رئيس معهد السياسة ضد "الإرهاب" في المركز المتعدد المجالات في هرتسليا، يقول إن "سياسة اسرائيل الليبرالية في اطلاق سراح ارهابيين، سواء في اطار صفقة تبادل الاسرى أو في اطار التسويات السياسية، أدت في الماضي والحاضر الى ضرر كبير". ويُذكر غانور باقوال رئيس "الشاباك" السابق، يورام كوهين، الذي قال، على خلفية صفقة شاليت في 2011، إن 60 في المئة من "الإرهابيين" المحررين يعودون الى "الإرهاب" بعد اطلاق سراحهم. الآن تقول الجهات الامنية إن نسبة محرري صفقة شاليت الذين عادوا بشكل مباشر أو غير مباشر الى "الإرهاب" هي 50 في المئة. أكثر من 100 شخص منهم تم اعتقالهم مجددا.
"يمكن تعليل الرقم العالي للذين يعودون الى "الإرهاب" بعدة اسباب"، قال غانور، "الظروف التي تحرر فيها الإرهابيون من السجن في صفقات التبادل تشير الى نجاح عمل الإرهاب، وتنشئ التزام من تم اطلاق سراحهم بالمنظمة التي حررتهم. خلافا لمحاولات اعادة التأهيل للجنائيين اثناء اعتقالهم وبعده، لدى الاسرى الامنيين ليس هناك دافعية للتأهيل، وهم يعودون الى الواقع الذي يؤيد الإرهاب، بل يحصلون على تأييد السكان بسبب هذا. الإرهابيون الذين يتحررون يصبحون نموذجا للتقليد في اوساط الشباب الفلسطينيين ويحظون بالتقدير، واحيانا يحصلون على المكافآت المالية من جهات تؤيد الإرهاب".
يقولون في الاجهزة الامنية إن محرري صفقة شاليت هم المسؤولون حتى الآن بشكل مباشر أو غير مباشر عن عشرات العمليات، بل أكثر من ذلك، فمحررو الصفقة كانوا على صلة مباشرة بالعمليات التي قتل فيها سبعة اسرائيليين. عشية عيد الفصح قبل ثلاث سنوات قتل بالرصاص قرب كريات اربع باروخ مزراحي. القاتل زياد عوض، كان أحد محرري الصفقة، حيث دخل الى السجن الاسرائيلي بسبب قتله متعاونين فلسطينيين.
في حزيران 2015 قتل قرب دولب، داني غونين، في عملية اطلاق نار نفذتها خلية، كان أحد اعضائها، اسامة اسعد، تاجر سلاح، وهو من محرري الصفقة. في نهاية ذلك الشهر قتل ملاخي روزنفلد في عملية اطلاق نار قرب شفوت رحيل على أيدي خلية تابعة لـ "حماس"، كان مسؤولا عنها احمد النجار الذي هو ايضا من محرري الصفقة، وكان مسؤولا قبل اعتقاله عن عدد من عمليات اطلاق النار التي أدت الى قتل ستة اسرائيليين.
في تموز الماضي قتل في عملية اطلاق نار الحاخام ميخائيل مارك من عتنئيل، وأصيبت زوجته واثنان من ابنائه. كان القاتل محمد فقيه من محرري صفقة شاليت، والذي قتل فيما بعد في اشتباك مع القوات الإسرائيلية. الفقيه قبع في السجن بعد تخطيط عمليات في اطار "الجهاد الاسلامي".
إن العملية الاهم التي كان أحد محرري الصفقة على صلة بها هي العملية التي بادر اليها محمود القواسمي: خطف وقتل ثلاثة فتيان في غوش عصيون. وقد تحولت هذه العملية الى استراتيجية لها تأثير كبير، وأدت الى تدهور الاحداث والحرب الشاملة مع "حماس". في البداية عملية "عودوا أيها الاخوة" في الضفة الغربية في محاولة للعثور على المخطوفين الثلاثة. وبعد ذلك اطلاق كثيف للصواريخ من قبل "حماس" على الجنوب، وفي نهاية المطاف عملية "الجرف الصامد" التي تسببت بضرر كبير جدا لـ "حماس" وقتل فيها 68 جنديا اسرائيليا وخمسة مواطنين وأصيب 1620 جنديا و837 مواطنا.
تجربة صعبة
تجربة اسرائيل مع "الإرهابيين" المحررين – حتى قبل صفقة شاليت – هي تجربة صعبة. في اطار الصفقات وحسن النية حررت اسرائيل منذ العام 1985 أكثر من 12 ألف "ارهابي". وقتل مئات الاسرائيليين على أيدي هؤلاء المحررين، وأصيب 3200 اسرائيلي تقريبا.
محررو صفقة جبريل في أيار 1985 الذين كان عددهم 1150، تحولوا الى العمود الفقري الاساسي للانتفاضة الاولى. وحسب المعطيات الرسمية لوزارة الدفاع ومن خلال فحص عينة من 238 من "المخربين"، الذين أطلق سراحهم في صفقة جبريل، فان 50 في المئة منهم عادوا الى "الإرهاب". أكثر من نصف "الإرهابيين" السبعة آلاف الذين اطلق سراحهم في اعقاب اتفاق اوسلو، اندمجوا في اجهزة "الإرهاب" الفلسطينية وشاركوا في الانتفاضة الثانية. عشرات من محرري صفقة تننباوم عادوا ايضا الى "الإرهاب". وحتى نيسان 2007 قتلوا 37 اسرائيليا، والآن – محررو شاليت.
من بين العمليات التي تم تنفيذها أو تخطيطها على أيدي "المخربين" الذين تحرروا من السجن الاسرائيلي يمكن الحديث عن العملية الانتحارية في فندق "بارك" في نتانيا، التي قتل فيها 30 شخصا. والعملية في مفترق كركور التي قتل فيها 14 شخصا، وايضا العمليات في مقهى مومنت (11 قتيلا) ومقهى هيلل في القدس (7 قتلى). ايضا كريم عويس الذي اطلق سراحه في 2001 كمبادرة حسن نية للفلسطينيين قتل في ذلك العام ميخال مور ونوعام غوزوفسكي وأرسل "مخربة" انتحارية الى شارع كينغ جورج في المدينة، حيث قتلت ثلاثة اسرائيليين وأصابت 81 شخصا.
عباس محمد السيد، الذي اطلق سراحه في العام 1996، كان مسؤولا عن العملية "الانتحارية" في شارع هرتسل في نتانيا في العام 2001، والتي قتل فيها ثلاثة اسرائيليين. ومحمد جاد خليل، الذي كان في السجن الفلسطيني وأطلق سراحه، تسلل الى مستوطنة حمرا في غور الاردن في شباط 2002 وقتل ثلاثة مواطنين هم ميري اوحانا وابنتها ياعيل ومجوس ميكونان. هناك امثلة كثيرة اخرى ولكن لا يمكن ذكرها جميعا.
تجربة اسرائيل السيئة مع "المخربين" المحررين لا تقتصر فقط على الذين عادوا الى "الإرهاب"، بل اولئك الذين اصبحوا قادة للمنظمات "الإرهابية". "اشخاص معروفون" مثل السنوار وفقهاء استبدلوا السجن الاسرائيلي بالمواقع القيادية. وهناك اشخاص مثل الشيخ احمد ياسين، الذي اغتيل في آذار 2004 عبر صاروخ أطلق عليه من سلاح الجو. وصلاح شحادة، رئيس الذراع العسكرية لـ "حماس" في غزة، الذي أرسل "المخرب" الذي قتل بالرصاص خمسة طلاب من المعهد قبل التجنيد في عتسمونة، وقد تمت تصفيته في الانتفاضة الثانية. وعبد الله القواسمي، قائد الذراع العسكرية لـ "حماس" في الخليل، الذي كان مسؤولا عن عمليات كثيرة منها التسلل الى مستوطنة أدورا في نيسان 2002، وقتل اربعة اشخاص من بينهم الطفل دانييل شيفي (5 سنوات).
مصدر أمني له تجربة كبيرة في مكافحة "الإرهاب" ذكر في هذا الاسبوع كيف أن من طالبوا باطلاق سراح شاليت قاموا بالتأثير في الرأي العام في اسرائيل. "من خلال حملة دعائية كبيرة وميزانية كبيرة واحداث مقارنة بين مصير شاليت المتوقع ومصير رون أراد، وايضا من خلال تصويره كأسير يتعرض للتعذيب، ومسجون في بئر". إلا أن هذه الاقوال لا أساس لها من الصحة، كما قال المصدر الأمني.