المسؤولون الأميركيون، الذين إلتقوا مع أركان القيادة الفلسطينية، إستخدموا مقولة صحيحة ومطمئنة نسبيا، مفادها:" إسمعوا منا لا تسمعوا عنا!" وكان الرد الفلسطيني متطابق مع المقولة الأميركية، بتعبير آخر لا "تسمعوا عنا". بالتالي شكلت هذه المقولة أساسا صالحا لفتح صفحة جديدة بين الإدارتين الأميركية والفلسطينية. وحتى ان بعض المقربين الثقات من الرئيس ترامب، قالوا ما هو أكثر من ذلك: " لا تلتفتوا لما سمعتموه أثناء الحملة الإنتخابية، ولا تتوقفوا امام ما تسمعوه في بعض المحافل!" غير ان السؤال المطروح برسم الإجابة الأميركية، خاصة وإن إلرئيس ترامب ومرؤوسيه إمتلكوا الشجاعة في إتخاذ مواقف أغضبت مؤسسات الدولة العميقة الأميركية، وأغضبت قطاعات واسعة من الشعب الأميركي ومن دول العالم، لماذا ذات الإدارة تلجأ لسياسة الوجهين والموقفين تجاه إسرائيل والموقف منها؟ أين هي الحكمة السياسية في ذلك، إن كانت فعلا معنية بإحداث إختراق في عملية التسوية السياسية؟ هل مضطرة نيكي هيلي، ممثلة الإدارة في الأمم المتحدة، لإن تستخدم إسلوب البلطجة او الشرطي المارق ضد الدول، التي تصوت على قرارات أممية تنسجم مع مواثيق وأعراف وقوانين المنظمة الدولية، وتدافع عنها في مواجهة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية؟ وهل هناك ضرورة لتهديد ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن بإلقاء حذاءها، عالي الكعب في وجه من يصوت ضد إسرائيل؟ هل هذا الصوت يتناسب مع المدنية والديمقراطية الأميركية، ومع ما تسعى إليه الإدارة الترامبية؟ وهل هو الصوت الجديد للإدارة في المنابر الدولية؟ وإذا فرضت سياسة تكميم الأفواة في المؤسسات الأممية، فكيف ستطبق القوانين والقرارات الدولية الحامية والضامنة لحقوق الشعوب والأمم الضعيفة؟ ولماذا تم التوافق بين الدول على العقد السياسي والقانوني والأخلاقي .. إلخ الأممي الناظم للعلاقات فيما بينها، إن كانت دولة من الدول ستفرض بالقوة والبلطجة قرارها على المجتمع الدولي؟ وهل بهذه السياسة يتم حماية السلام بين الشعوب ام يتم تصفيته ووأده؟ ولماذا نائب الرئيس بينس يعود امام الإيباك لطرح موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس؟ هل هذا يخدم الحل السياسي او "الصفقة"، كما يحب صانع القرار الأميركي الجديد إستخدامه ؟ وما هي معايير وحدود الصفقة؟ وهل هناك توافق بين الإدارة الجديدة وإعلان رئيس وزراء إسرائيل اول أمس عن نيته بناء مستعمرة جديدة؟ وبماذا تفسروا ايها الساكنون الجدد للبيت الأبيض تصريح بنيامين نتنياهو والكابنيت المصغر عن بناء المستعمرة الجديدة في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967؟
موقف المندوبة الأميركية في مجلس الأمن مدان ومرفوض. ولا يجوز ان يمر مرور الكرام. زمن ستينيات القرن الماضي ولى وإنتهى. العالم الآن في العقد الثاني من الألفية الثالثة، وبالتالي على دول العالم وخاصة مندوبي الأقطاب دائمي العضوية الأربعة الآخرين، ان يردوا عليها بما يحفظ ماء وجوههم. كما يفترض بالرئيس صاحب الشعر الأصفر وضع ضوابط لتصريحات ممثلي إدارته في المنبر الأممي الأول، والكف عن لغة الترهيب والبلطجة. وعلى الإدارة إن كانت معنية بحماية إسرائيل، وضمان أمنها، ووجودها في وسط المحيط العربي، ان تضغط عليها لإلزامها باستحقاقات التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. وإستخدام لغة واحدة تجاه إسرائيل، حتى يستطيع الفلسطينيون والعالم سماعكم جيدا. وهذا لا يعني أن احداً يطلب منكم تغيير تحالفكم الإستراتيجي مع إسرائيل على الأقل في ظل الإشتراطات القائمة. فهل ذلك ممكن ام لا؟