بين انقسام جامعة الأقصى والانقسام الأكبر

images (1).jpg
حجم الخط

 

جامعة الأقصى في قطاع غزة هي اكبر جامعة حكومية عاشت أزمة لعدة سنوات كادت أن تعصف بوجودها وبمستقبل طلابها الذين يتجاوزون خمسة وعشرون ألف طالب ،، عاشت الجامعة مرحلة صعبة وأصاب القلق كل العاملين فيها من أكاديميين وإداريين وطلاب وعائلاتهم ، وتراجع عدد المنتسبين لها بسبب تأخر حل المشكلة بعد أن وصلت التهديدات من وزارة التعليم العالي بسحب الاعتراف من الجامعة وعدم اعتماد شهادات خريجيها وعدم صرف رواتب موظفيها ..

جامعة الأقصى كانت نموذجا صارخا لما وصل إليه حال وأثر الانقسام حيث تغلغل داخلها حتى أصبحت بحق تمثل نموذجا مصغرا يشمل كافة مظاهر الانقسام الأكبر ،، الجامعة انقسمت الى فريقين واضحين لكل منهم أدواته وعناوينه ومؤيديه وسياساته وقدراته ،، ولذلك صمدت الجامعة طوال فترة أزمتها لأن كلا الفريقين يملكون مقومات إدارة الأزمة ولم يستطع فريق إزاحة الفريق الآخر بالقوة أو بالقرارات القانونية أو الدبلوماسية .. وخاض الطرفين جولات من الحوار الثنائي والمتعدد ودخلت أطراف محلية من خارج الجامعة للمساعدة والمساهمة بإيجاد مخرج لها ، ولكنها باءت بالفشل جميعها وكلما تقدموا خطوة تجاه الحل تأخر التنفيذ خطوات ..

كان من أبرز مظاهر الخلاف هي الاتفاق على رئاسة الجامعة حيث قام كل طرف بتعيين رئيسا للجامعة دون توافق ، ثم كانت مشكلة الموظفين الذين تم تعيينهم خلال الأزمة وما قبلها ، ثم كان الحديث حول تركيبة مجلس أمناء الجامعة ، ثم الخلاف حول أموال ومخصصات الجامعة وهذا باختصار يؤدي الى سياسة ومسار الجامعة وتحديد مرجعياتها ..

لو أسقطنا كل تلك القضايا على مسائل الانقسام العام لوجدنا حجم التشابه الكبير بينها مع اختلاف مسمياتها ومع ذلك تم أخيرا إيجاد صيغة توافقية ورسم خارطة طريق للخروج من أزمة الجامعة ، ويتنفس الجميع الصعداء ويطمئن الطلاب على مستقبلهم العلمي والأكاديمي بعد أن كاد ان يصل الجميع الى اليأس والإحباط ،، وكلمة السر في الوصول الى هذا التوافق هو اتخاذ قرار بإنهاء الأزمة من أحد الأطراف وكان الحل ..

وبالنظر للحل المتوافق عليه سنجد أنه تجاوز القانون والمحددات الأكاديمية وكان الحكم في الملف بالكامل هو تحقيق التوافق بين طرفي الأزمة ،، وأصبح التوافق هو الحكم وليس القانون ،، والمتابع لتفاصيل التوافق سيدرك ذلك ،، ولسان حال الجميع هو أن الهدف الأسمى هو تحقيق المصلحة العامة ،، وهذا هو الأهم ..

هل نعتبر أن هذا النهج يمكن أن يكون صالحا كأرضية للخروج من الانقسام الأكبر ؟ هل يمكن تحديد المصلحة العامة وإنقاذ الشعب والقضية كما أنقذنا الطلاب والجامعة ؟ وهل يمكن الاتفاق على تشكيل لجنة تفحص ملفات الموظفين كما سنبحث ملفات موظفي الجامعة ؟ هل سنتفق على رئيس حكومة توافقي كما توافقنا على رئيس الجامعة ولو مؤقت ؟ وهل يمكن ان يتخذ طرف أو الطرفين قرار للخروج من الأزمة العامة ؟

تحقيق المصلحة العامة بالتوافق يجب ان يكون خطوة مؤقتة لتجاوز الخلاف ثم لابد من ترتيب أوضاعنا انسجاما مع القانون وهذا هو الأصل .. ليكن السياسة التي تم إتباعها لحل أزمة جامعة الأقصى هي ذات السياسة العامة .

كل التهنئة لكافة طلاب وطالبات جامعة الأقصى ولكافة العاملين فيها ..