اليمين يقيّد البناء في المستوطنات؟!

280815_shh_00_1.jpg
حجم الخط

اتخذت حكومة إسرائيل، الاكثر يمينية في تاريخ الدولة، في نهاية الاسبوع الماضي بالاجماع قرارا لتقييد البناء في «يهودا والسامرة». في صحيفة «هآرتس» فرح العنوان الرئيس اللذيذ: «رؤيا الآخرة لليمين». وعن حق فرح اليسار. إذ حين لا تكون معارضة يمينية، فانه يكون بوسع «الائتلاف الاكثر يمينية» ان يتخذ القرارات التي ما كانت لتخجل كل حكومة يسارية: التقييد الطوعي للبناء في «يهودا والسامرة». هذا في العلن، وفي الخفاء واضح: في القدس أيضا. لماذا واضح؟ لأن رئيس الوزراء يشرح بان حتى في القدس «ينبغي البناء بحكمة». ماذا يقول، رئيس وزراء اليمين؟ هل ان البناء في كل أجزاء القدس، التي أقسم حتى الآن الف مرة لها ولوحدتها الولاء لابد الآبدين، ليس عملا «حكيما»؟ من يحتاج رئيس وزراء من اليمين كي لا يبني في القدس؟ حتى زهافا غلئون كانت ستبني في القدس «بحكمة».
لأنه لا توجد معارضة وطنية لتكون رمز اليمين. لأنه حين يتوزعون جميعهم مقدرات الحكم، يبدو أن الحكم غاليا عليهم اكثر من بلاد إسرائيل وحتى من القدس.
زعيم البيت اليهودي نفتالي بينيت، الذي كان يفترض أن يكون رمز اليمين، استقام هو ايضا مع الخط بحماسة: «السياسة الجديدة متوازنة ومعقولة»، يقول عن قضاء قضته الحكومة بتطوع حتى ليس انطلاقا من اتفاق مع الولايات المتحدة. البناء الجديد فقط «في حدود البناء». هذا هو ذات الخط الوهمي الذي يمر من بيت الى بيت في محيط البلدة، ومسموح البناء في داخل الخط فقط. في حالات شاذة، بمحاذاته. ومن يعرف البلدات في يهودا والسامرة، يعرف انه ليس فيها تقريبا مناطق شاغرة. وعن مثل هذا القيد التعسفي يقول بينيت «سياسة متوازنة ومعقولة».
«متوازنة» بين ماذا وماذا؟ بين اقتلاع كل البلدات والتجميد المطلق؟ بين الطاعون والكوليرا؟ «معقولة» بأي مقياس؟ اذا كان المقياس هو وتيرة البناء لحزب العمل حين كان في الحكم – حبذا لو كان نتنياهو وبينيت يصلان الى نصف بدايات البناء من عهد ايهود باراك. اذا كان المقياس هو زخم البناء في عهد ارئيل شارون كوزير الاسكان ووزير الزراعة – فان نتنياهو وبينيت يحتاجان الى يد يمينه لينتسبا الى «ميرتس».
ولكن ما لي ألوم السياسيين المنزلقين اذا كان مجلس «يشع» وكل رجال الفعل، الزمبيشيون على انواعهم، قد رحبوا هم ايضا بهذه السياسة، وان كانوا همسوا، على لسان رجالاتهم المنمقين، بان «كل شيء منوط باختبار التنفيذ». هكذا كنا نتوقع من رجال «مباي» التاريخي، وليس من رجال رؤيا استيطان بلاد اسرائيل الكاملة. «مباي» نجح جيدا في اختبار التنفيذ. وفقط في اختبار الرؤيا فشل، تخلف، علق، تعثر ونزل عن المسرح. واليمين، الذي فقد الرؤيا يسير في اعقابه. فهو عالق الآن في اختبار التنفيذ. وفيه ايضا سيفشل.
هو سيفشل لأنه يبدو أن نتنياهو لا يكف عن الكذب. فحين أعلن الاسبوع الماضي عن «حل تجميد البناء» لـ 2.000 وحدة سكن – كان هذا بعد بضعة ايام فقط من نفيه أن يكون قد فرض تجميدا على نحو 5.000 وحدة سكن تعهد بها قبل شهرين. وهو يمكنه أن يفعل ذلك لأنه لا توجد معارضة وطنية، بل ولا حتى جناح يميني حقيقي داخل الحكومة، لان بينيت يهتف للحكومة حين يتعهد بالبناء (وبالطبع ينسب ذلك له) ويهز رأسه خلف نتنياهو حتى عندما يتعهد بتقييد البناء.
في مساء اليوم الذي رحب فيه بينيت بالسياسة «المتوازنة والمعقولة» لتقييد البناء أدرك على ما يبدو بانه لا يمكن ان يسمح لنفسه (سياسيا بالطبع، وليس ايديولوجيا) أن يسير على الخط مع نتنياهو. وعندها تذكر باننا «فوتنا الفرصة التاريخية لعرض بديل على الرئيس ترامب». من هذا «فوتنا»؟ ألم تكن أنت هناك؟ ألم يكن بوسعك أن تطرح انذارا على نتنياهو؟ «احلال السيادة على المنطقة ج» هي الخطة السياسية للبيت اليهودي. خطة رائعة. ما الذي فعله كي يحققها؟ اذا كان الخط الاحمر لهذا الحزب هو بناء بلدة بديلة لاهالي «عامونا» المقتلعين – فانهم يجدون أنفسهم يتنازلون عن الملك مقابل المهر.

عن «معاريف»