نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” معلومات تفيد بأن الرئيس السوري بشار الأسد، أصدر أوامر باحتجاز علي مملوك، رئيس جهاز مخابرات النظام وأحد أهم صناديقه السوداء، في منزله، بعد اتهامه بالتآمر للانقلاب عليه.
وتأتي هذه المعلومات لتؤكد تصدع الحلقة الضيقة للنظام السوري والمقربين من بشار الأسد منذ بدء الثورة السورية، بعد تهاوي أسماء بارزة، بدءا برئيس جهاز المخابرات الأسبق وقريب الأسد آصف شوكت، وانتهاء بالموت الغامض لرئيس جهاز الأمن السياسي رستم غزالي قبل فترة قصيرة.
ويتهم النظام علي مملوك بإجراء محادثات سرية مع دول داعمة للمعارضة المسلحة ومسؤولين منشقين عن النظام في الخارج، كما يتهمه أيضا بالاتصال بالحكومة السورية التي شكلتها المعارضة، وذلك بعد فقدان النظام للسيطرة على مدينة إدلب وجسر الشغور لصالح فصائل معارضة وجبهة النصرة.
وقال مصدر مقرب من النظام للصحيفة إن “مملوك تواصل مع المخابرات التركية عبر وسيط”.
وأضاف أن رجل أعمال من حلب، ساعده على التواصل مع عم الرئيس السوري رفعت الأسد الذي يقيم في المنفى منذ اتهامه بمحاولة الانقلاب على النظام في الثمانينات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر من القصر الرئاسي في دمشق أن الأسد بات يعاني للحفاظ على تماسك الحلقة الضيقة المحيطة به التي بدأت خلافاتها تتصاعد.
وأوضحت الصحيفة أن مملوك، يدفع اليوم ثمن موقفه المعارض من الهيمنة الإيرانية المتنامية على دواليب السلطة في البلاد، وسيطرتها على القرار المتعلق بالحرب الدائرة في سوريا، منذ اندلاعها، ما حتم تحييده وإلغاء أي دور له في المرحلة الجديدة.
وإلى جانب الصراع على السلطة والنفوذ، يُمثل تحييد مملوك حسب الصحيفة "في الوقت الحالي، صورة أخرى عن تزايد النفوذ الإيراني في دمشق، التي تسيطر على القرار في عدد كبير من الوزارات والبنك المركزي والقرار الحربي الاستراتيجي، بدفع من المستشارين الإيرانيين المحيطين بالأسد، والذين يهيمنون تقريباً على محيطه المباشر".
وعليه كان من الضروري التخلص من مملوك، السوري السني، الرافض للهيمنة الإيرانية على بلاده.
فقبل احتجاز علي مملوك بدأ الاضطراب يصيب جهاز المخابرات السوري الذي منح صلاحيات واسعة خلال العقود الأربعة من حكم عائلة الأسد. وفي الشهر المنصرم، لف الغموض موت رئيس جهاز الأمن السياسي رستم غزالي بعد تعرضه لهجوم من قبل رفيق شحادة، رئيس جهاز الأمن العسكري الذي تم عزله من منصبه إلى جانب غزالي بعد خلافهما.
وأشارت “ديلي تلغراف” إلى أن بعضا من عناصر الحلقة الضيقة للأسد باتوا يتخوفون من تعاظم سلطة المسؤولين الإيرانيين في سوريا الداعمين للنظام.
وكشفت الصحيفة عن جملة منسوبة لغزالي قبل موته قال فيها، إن “علي مملوك متذمر من كون الحرب تسببت في رهن سيادة البلاد إلى إيران”، وإنه “كان يعتقد بالحاجة إلى تغيير الوضع”.
وأخبر مصدر مقرب من القصر الرئاسي في دمشق الصحيفة بأن الإيرانيين يتحكمون الآن بدائرة القرار في سوريا، بدءا من البنك المركزي وانتهاء بالمعارك، مؤكدا أن “معظم مستشاري الأسد الآن إيرانيون”.
ففي أبريل الماضي، خلال زيارة اعتيادية لمسؤولين سوريين إلى طهران، وصفت اجتماعاتهم مع مسؤولين إيرانيين بالمتوترة والمشحونة، بحسب ما قاله مصدر مقرب من الحكومة الإيرانية، الذي أشار إلى أن “مسؤولي النظام أخبروا الإيرانيين بأنهم بدأوا يفقدون السيطرة على سوريا، لدرجة أنهم اقترحوا النظر في إبرام اتفاق مع المعارضة السورية”.
ويرى شارل ليستر، الخبير من معهد “بروكنغز”، أن النظام يواجه وضعا هو الأصعب منذ سنوات. وأن إيران متخوفة من بوادر انهيار النظام من الداخل.