قالت طبيبة الأطفال الألمانية مونيكا نيهاوس إن عدم استجابة الطفل الصغير لتعبيرات الوجه كالغمز أو الإيماءات كالتلويح باليد قد يكون مؤشراً على إصابته بمرض التوحد.
ومن العلامات الأخرى، التي تشير إلى إصابة الطفل بالتوحد، عدم إظهار الطفل الصغير لأية استجابة عند مناداته باسمه، فعادة ما يصغي الطفل الرضيع مع الوقت عند مناداته باسمه، ويحاول الالتفات إلى الشخص، الذي يكلمه، وهو ما يفعله الطفل المصاب بالتوحد بشكل أقل.
ومن العلامات المميزة أيضاً عدم محاكاة الطفل المصاب بالتوحد لأية أدوار، ففي الغالب ينجح الطفل الطبيعي بحلول نهاية عامه الثاني في تقليد الأب والأم، على العكس من الطفل المصاب بالتوحد، الذي لا يقدر على أن يتظاهر وكأنه يقوم بدور ما، حيث يهتم بدمى وألعاب معينة ويصب تركيزه عليها فقط.
ومن جانبها، أوضحت أخصائية طب نفس الأطفال الألمانية ميشيل نوتردام أن التوحد هو اضطراب سلوكي خِلقي غير قابل للشفاء، مشيرة إلى أن القاسم المشترك بين جميع المصابين بالتوحد هو أنهم يرون العالم على طريقتهم الخاصة، ما يؤدي في الغالب إلى سوء التفاهم. وقد يقود هذا إلى مواقف كوميدية، مثل تعليقات غير مناسبة بالمرة، فلا عجب من أن يقول الطفل لشخص ما على سبيل المثال: "رائحتك غريبة".
ويعتبر تعلم معاني تعبيرات الوجه أمراً شاقاً على الطفل المريض بالتوحد، كما يصعب على الطفل المصاب بالتوحد فهم ما يقصده الأشخاص الآخرين بهذه التعبيرات، كما أن الأشخاص الغرباء يمثلون تحديا كبيرا للطفل المصاب بالتوحد.
ويكون لبعض الأطفال رد فعل مغاير تجاه الإجهاد الشديد على سبيل المثال بسبب الضوضاء، حيث يقوم الطفل بسد أذنيه أو يصرخ أو يتصرف بعدوانية تجاه نفسه وتجاه الآخرين في بعض الحالات الأخرى.
وإذا زاد هذا الإجهاد بشكل كبير، فمن الممكن أن يقوم الطفل بخبط رأسه في الحائط أو لا يقوم بالاستجابة، وتمثل مثل هذه المواقف عبئاً نفسياً كبيراً على الوالدين، حيث يعتقد الكثيرون أن الأطفال يتصرفون بشكل غير مهذب.
ولا تعاني جميع الحالات المصابة من الخجل في الاتصال؛ فبعض الأطفال منغلقون والبعض الأخر منفتحون. وتنصح أخصائية علم النفس الألمانية ميلاني ماتزيس كولر، عندما يقوم الطفل المتوحد بمحاولة إقامة اتصال من تلقاء نفسه، بضرورة الإصغاء إلى ما سيقوم بحكايته، حتى لو كان ذلك بطريقة غير معتادة، كأن يبدأ الحديث بدون تحية على سبيل المثال أو كان الحديث على نحو غريب أو بدون معنى، حيث يساعد التسامح مع الطفل في مثل هذا الموقف وبناء جسر حواري معه على أن يستشعر أن كل شيء على ما يرام، وبذلك يتجنب الارتباك بشكل كبير.
وأكدت نيهاوس على أهمية التشخيص المبكر للتوحد من أجل أن يخضع الطفل للعلاج النفسي في أقرب فرصة، مما يسهم في تعديل سلوكياته ومساعدته على الاندماج مع الآخرين بصورة أفضل.