ليس صعبا التخمين ماذا كان سيحصل لو كان الرئيس هو اوباما، وكان الناطق بلسان البيت الابيض السابق جوش آرنست، وكانت التصريحات خرجت من واشنطن حتى اكثر اعتدالا من تلك التي اطلقها اول من أمس، شون سبايسر امام قاعة مليئة بالصحافيين.
أي صرخة كانت ستخرج من القدس. أي تنديدات من الحائط الى الحائط. كيف كان الناطق غير الرسمي باسم "يد واسم"، بنيامين نتنياهو كان سينطلق نحو الكاميرات ليشجب هذا النافي للكارثة، الذي يمثل، بالطبع، المواقف اللاسامية للرئيس – إذ كيف يمكن رؤية اقواله الا كموقف الرئيس اوباما.
ولكن هذه ايام اخرى. في البيت الابيض يجلس من وصفه نتنياهو الصديق الافضل الذي كان في اي مرة للشعب اليهودي، وناطقه، الذي لا يمكن أن يعتبر غير غبي وجاهلا تاما، لا يبدو أنه يمثل في نظر رئيس الوزراء اي شيء. سبايسر؟ أي سبايسر؟ من هذا السبايسر وما هي علاقته على الاطلاق – هذه هي الريح التي تهب في الاونة الاخيرة من مكتب رئيس الوزراء، أو بكلمات اخرى: التجاهل التام.
هكذا فقط يمكن أن نشرح صمت نتنياهو في ضوء الاقوال الهاذية التي اطلقها الناطق الرسمي بلسان ادارة ترامب، والتي جاء فيها ان هتلر لم يستخدم في الحرب العالمية الثانية الغاز ضد السكان. حين فهم حجم خطأه، عدل سبايسر الخطأ بخطأ محرج أكثر حين قال انه بخلاف الاسد السوري، فان هتلر لم يفعل هذا ضد ابناء شعبه، ولم يرش الناس في شوارع مدنهم بل جمعهم في "مراكز كارثة".
حتى الرجل الذي اتهم المفتي في أنه حث الطاغية النازي على الاخذ بالحل النهائي، ما كان ليمر مرور الكرام صامتا عما يبدو في نظره كنفي للكارثة. وحتى هذا فقط اذا أصررنا على الا نرى في هذا لاسامية واضحة.
ولكن نتنياهو يصمت. من لم يتردد في تبهير خطاباته، واذا لم تكن حاجة ايضا، بالامثلة من الكارثة، من كانت الرواية التي على لسانه ويعيش عليها ليكون زعيما لشعبه هي الخوف من كارثة اخرى، صمت فجأة صمتا مطبقا حين اطلق الناطق بلسان البيت الابيض اقوالا حتى ان النافين الصريحين للكارثة لا يتجرؤون على قولها.
يمكن أن نستنتج من ذلك فقط بان خوف نتنياهو من ترامب يفوق حتى القلق من امكانية كارثة اخرى. فحين يضع على الميزان ولاءه للرئيس الجمهوري مقابل ولائه للتاريخ اليهودي، فان الميزان يرجح في صالح ترامب.
أم لعل أقوال رئيس الوزراء في موضوع الكارثة هي على الاطلاق استراتيجية من خلالها يسيطر علينا. استراتيجية الخوف والتهديد من الكارثة التي هو وحده، نتنياهو يمكنه أن يقف في وجهها وبالتالي لا مفر من التصويت له المرة تلو الاخرى.
لا يهم حقا ما هو السبب الذي لا يجعل نتنياهو يسارع الى اصلاح ما يحتاج الى الاصلاح، وايضاح ما يحتاج الى الايضاح، والتنديد بما هو جدير بالتنديد. إذ في عالم ترامب ونتنياهو، حيث يوجد للحقائق البديلة وزن مثلما يوجد للحقائق الحقيقية، ليس مهما اذا كان هتلر قد استخدم أم لم يستخدم الغاز، مس أم لم يمس بابناء شعبه، اذا كانت المصلحة الآن هي الوقوف الى جانب إدارة ترامب، بالضبط مثلما كانت المصلحة السابقة للتهديد علينا بابادة اخرى.
وكذا: نحن مرة اخرى نتعرف على أنه اذا كان شخص يكره المسلمين ويؤيد المستوطنات، وحتى لو لم يكن مؤيدا، المهم الا يكون معارضا – اليمين الاسرائيلي سيغفر له كل شائنة، حتى لو كانت لاسامية.
عن" يديعوت احرونوت"