«قبل لحظة من أن يكلف هذا دماً، كفوا يا صحيفة «هآرتس» هدد وزير التعليم وممثل المستوطنين في الحكومة، نفتالي بينيت، رداً على مقال يوسي كلاين («نخبتنا الدينية»، «هآرتس»، 13/4/2017) دم من سيكلف هذا، أيها الوزير بينيت؟ في حينه، في أعقاب تهديدات على حياة روبين ريفلين كرد على تنديده بعملية قام بها مخربون يهود في قرية دوما، طلبت المستوطنة المتطرفة دانييلا فايس تهدئة الخواطر، ففي مقابلة مع القناة الأولى قالت: «يمكنني أن اوجه رسالة الى ريفلين، يمكنك أن تنام بهدوء. هذا هراء. لن يقتله أحد. فهو ليس مهماً بما يكفي من أجل أن يقتلوه».
لم تقرر فايس سياسة رد القوميين المتطرفين اليهود، وبقدر ما هو معروف فهي ليست منفذتها، بل فقط ثرثرت حولها. السياسة واضحة: حين يكون أحد ما من المعسكر الخصم مهماً جداً يقتلونه. وحسب تلك السياسة عمل يغئال عمير. مذكور قوله بعد قتل اسحق رابين: «لم أطلق النار على بيريس، لأنه كان هدفاً ثانوياً». بينيت وفايس لا يتنكران للاحتمال الكامن العنيف في رد فعل معسكرهما، بل فقط يوضحان بان هذا ليس عنفاً غير منضبط.
العنف جزء من ترسانة ردود فعل اليمين القومي المتطرف، ولما كان استخدامه ينطوي على اعتراف بقوة وأهمية الضحية المحتمل، يمكن القول ان اليمين القومي المتطرف يوجد في ذروة نقاش داخلي: هل «هآرتس» مهمة بما يكفي كي يكلف هذا دماً؟ بالفعل، من يتابع ردود الفعل على المقالة التي تثير حفيظة اليمين القومي المتطرف، يمكن ان يلاحظ أنها تتراوح بين طرفين. في احدهما توجد تعابير التهديد والوعيد. يمكن للتهديدات ان تكون مبطنة (مثل تهديد جلعاد اردان قبل بضعة أسابيع)، او مباشرة (بما في ذلك التمنيات بالموت، الاغتصاب، والضرر الجسدي لابناء العائلة في الشبكات الاجتماعية وفي الشارع). وفي الطرف الثاني من ردود الفعل يوجد الغاء تام للقوة المميزة للصحيفة.
لا يكمن البحث فقط في أهمية «هآرتس»، فكل من يعتبر – ولو لحظة – متماثلا مع معسكر الخصم الايديولوجي يكون ضحية محتملا للاعتداء. يمكن لهذا ان يكون وزير الدفاع موشيه يعلون، رئيس الاركان جادي آيزنكوت، نائبه يائير غولان، كل لواء يفتح فمه. العنف والتهديدات توجد في كل مكان، والتلويح بالعنف من اليمين القومي المتطرف في إسرائيل هو الحقيقة الأكثر نفيا. والسر الذي يعرفه الجميع. عندما يندلع العنف الجسدي، يكون هذا دوما عشبة ضارة، أناساً غريبي الأطوار، حفنة، استثناء.
متى ينتقلون من الأقوال الى الأفعال؟ هذا منوط باهمية «العدو السياسي». هكذا مثلا رد نتنياهو في اعقاب مشاركة حجاي العاد، مدير عام «بتسيلم»، في النقاش في مجلس الامن: «في الديمقراطية الاسرائيلية تجد تعبيرها ايضا منظمات هاذية وهامشية مثل «بتسيلم». أي «بتسيلم» ليست مهمة بما يكفي. فهل محكمة العدل العليا مهمة بما يكفي كي يمارس ضدها العنف؟ حسب النائب موطي يوغاف من «البيت اليهودي»، بالتأكيد. «على محكمة العدل العليا يجب أن ترفع كفة جرافة دي – 9»، قال.
اليمين القومي المتطرف لا يتردد في العنف حين يكون لازما برأيه، ولهذا نخاف منه. الكل يسيرون على البيض. ليست إمكانية العنف التي يمكن استخلاصها من التشبيه في مقال يوسي كلاين هي التي انتجت جملة التنديدات والتهديدات من اليمين ومن الوسط، بل العنف الحقيقي الذي يهدد كل من ليس مشاركا في طقوس التنديد العلنية للضحية. فمهمة الفاشيين يقوم بها الخوافون. والخوف هو رد فعل طبيعي على العنف. وتوسيع دائرة الشاجبين ومشاركة الوسط وأجزاء من اليسار هي الإنجاز الأكبر لليمين القومي المتطرف، فمن يزرع العنف يحصد الخوف. نتنياهو، يائير لبيد، اسحق هرتسوغ وآخرون ليسوا هم أول ذوي القلوب الضعيفة في التاريخ. اين يختبئ الإسرائيليون الشجعان الذين يمكنهم أن ينقذوا دولة اسرائيل.
عن «هآرتس»