مفاوضات وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون في موسكو باءت بالفشل. هذا أفضل خبر قرأته في الأيام الأخيرة لأنه لو اتفقت الولايات المتحدة مع روسيا لكان اتفاقهما علينا أو على حساب مصالحنا.
الولايات المتحدة وحلفاؤها يصرون على أن النظام السوري استخدم غاز سارين السام في الهجوم على خان شيخون. كانت هناك صور للضحايا والمصابين تؤكد صحة هذا الادعاء. روسيا تقول إن التهمة باطلة وإلى درجة أنها استعملت الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدعو نظام بشار الأسد إلى التعاون مع تحقيق دولي في الهجوم ونتائجه.
الولايات المتحدة هاجمت الموقف الروسي والإدارة نشرت تقريراً سرياً للاستخبارات يقول إن كلام روسيا عن الهجوم في الرابع من هذا الشهر كاذب وهدفه حماية حليفها بشار الأسد الذي يواجه ضغوطاً شديدة.
إدارة دونالد ترامب تريد من روسيا التعاون معها لمنع النظام السوري من استخدام الغاز السام في غارات أخرى في المستقبل، غير أن روسيا تصر على أن التهمة لا تستند الى أساس. هذا أغضب وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي قال إن نظام الأسد سيدفع ثمناً عالياً جداً إذا استعمل الغاز السام مرة أخرى.
الأميركيون يقولون إن حكم أسرة الأسد قارب نهايته غير أن روسيا وإيران تدعمان النظام السوري وتريان أن المخرج من الحرب الأهلية هو بتثبيت النظام ودعمه. وكانت الولايات المتحدة في البداية تقول إنها تحارب داعش ولا يهمها نظام الأسد، ثم أصبحت تريد سقوط النظام وتتهم روسيا بالمشاركة في الهجوم بغاز السارين، إلا أن وزارتي الخارجية والدفاع تقولان الآن إن التهمة ليست مؤكدة.
كل ما سبق يجري وهناك تحقيق اميركي، رغم أنف ترامب، في تدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية لمساعدة ترامب على الفوز. الروس أنكروا التدخل ولا يزالون ينكرون، إلا أن هناك دلائل لا تحصى على تعامل رجال في حملة ترامب مع الروس، وعلى اجتماعات حاولت الأطراف فيها ابقاءها سرية وفشلت، بل هناك معلومات عن قيام اميركيين من أنصار ترامب بتلقي أموال من روسيا لتنظيم لوبي يدافع عن مصالحها.
زيارة تيلرسون روسيا استمرت يوماً واحداً وهو اعترف في نهايتها بأن العلاقات الأميركية - الروسية هبطت ولا ثقة متبادلة، ولم يتوقع تحسناً سريعاً. وزراء خارجية الدول السبع اجتمعوا في ايطاليا، ورفضوا اقتراح وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون فرض عقوبات جديدة على روسيا.
المهم الآن ماذا سيحدث غداً؟ قرأت أن مواجهة عسكرية بين قوات روسية وأميركية في سورية أو غيرها قد تطلق حرباً عالمية ثالثة. أجد هذا دخولاً في المستحيل، فكل من البلدين لا يريد مواجهة، ناهيك عن حرب. وما يفرق بينهما الآن هو مصير نظام بشار الأسد، وهو موضوع لن يتسبب في حرب عالمية أو شرق أوسطية.
الوزير تيلرسون اجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اجتماعه مع نظيره سيرغي لافروف، إلا أن المحادثات في الكرملين لم تنجح في تحسين العلاقة بين البلدين، وبوتين كان أكثر تحفظاً من وزيره.
العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم باقية، ولم تبحث خلال زيارة تيلرسون الذي قال إن على الولايات المتحدة وروسيا وقف تدهور العلاقات، والاتفاق على القضايا المهمة. هناك الآن لجنة عمل بين البلدين ستحاول حل المشاكل الصغيرة تمهيداً للانتقال الى المشاكل الكبرى.
لافروف ذكّر تيلرسون بأن كل عمليات تغيير الأنظمة التي كانت الولايات المتحدة طرفاً فيها فشلت، وتيلرسون لم يقتنع بالشرح، ولكن خرج وهو يصر على فتح قنوات جديدة للحوار بين البلدين.
عن «الحياة»