يوجز هذا القول المأثور، حالة الوضع الفلسطيني الداخلي، إيجازاً بليغاً.
فحالة الانشقاق الجيو ـ سياسي، ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، طال أمده، وامتد زهاء عشر سنوات عجاف.. بُذلت جهود مضنية، وطويلة، وأبرمت اتفاقات متعددة، كان بعضها برعاية عربية، وكان موقف م.ت.ف والسلطة الوطنية، يقول بعدم حسم الأمور، بالعنف والدم، واللجوء إلى الحوار الداخلي، وصولاً لإنهاء حالة الانقسام الداخلي، وتجنيب الشعب الفلسطيني، ويلات الاقتتال الداخلي.
طوال عشر سنوات لم تفلح الحوارات الداخلية، وبقي الانقسام الجيو ـ سياسي، على حاله، بل تعمق وتجذر، وتغيرت الأحوال في قطاع غزة، لتطال الأمور كافة، ولم تتمكن حكومة الوفاق الوطني من أن تمارس دورها في القطاع.
خلال السنوات العشر الماضية، كانت السلطة الوطنية، تقوم بتسديد فواتير غزة، من ماء وكهرباء ورواتب، وغيرها.. وكانت حماس، تجني الضرائب والفواتير، وغيرها، لتذهب عبر قنوات حمساوية ضيقة.
وصلت الأمور، وبعد سنوات عشر طويلة، إلى نقطة اللاعودة، ولم يعد بالإمكان السكوت أكثر من ذلك.
فالمشروع الوطني الفلسطيني بات في حالة الخطر، في ظل استمرار الانشقاق الجيو ـ سياسي، من ناحية وعدم قبول الحالة المسلحة في قطاع غزة، والتي ترى بها دول عديدة، بأن ما هو موجود، هو جزء من حالة الارهاب، في الشرق الأوسط.
وصلت الأمور إلى مفترق طرق حاسم.. ولم يعد بالإمكان، استمرار هذه الحالة الشاذة!
فإما أن تقبل حركة حماس، تسليم المعابر وتسليم الإدارات والوزارات كافة، لحكومة الوفاق الوطني، والقبول بسيادة القانون، على كافة الأراضي الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، مع ما تقتضيه هذه السيادة، من مستلزمات وإجراءات، وإما أن تقوم حماس، بإدارة القطاع، كما ترى وتهوى، واعتبار القطاع إقليماً متمرداً.
لعل المتابع للشأن الفلسطيني، من شأنه أن يلحظ بأن التعاطي مع غزة، ومنذ فترة غير قصيرة، يتم التعامل معه على أنه إقليم متمرد، لكن دون إعلان.
في حالة نزوع حماس، مجدداً، للاستمرار في نهجها السابق، وعدم الاستجابة، لنداءات الوحدة الوطنية، والانضواء تحت مظلة "الوفاق الوطني"، ستجد نفسها في مواجهة مستحقات ومستلزمات "الإقليم المتمرد" وهي باهظة الثمن، وعلى المستويات كافة: المالية والأمنية والسياسية وغيرها من شؤون. ستحاول حماس، رمي الكرة في ملعب السلطة الوطنية الفلسطينية، وتحميلها المسؤولية عن الحالة المتردية في القطاع، لكن انكشاف الحقيقة، وظهورها جلية، سيكون سريعاً وواضحاً في آن.
لم تعد جهود الحوار الداخلي مجدية، فهنالك استحقاقات سياسية ومالية، لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، و م.ت.ف، لا بد من الوفاء بها، والقيام بما تستوجبه تلك الاستحقاقات الصعبة.
قد يكون الحل عن طريق قرار تتخذه فصائل العمل الوطني والإسلامي، في غزة وحماس والجهاد في مقدمها حل أي هيئة سياسية أو إدارية، أو ما يشبهها، والإعلان جهاراً وبوضوح عن تسليم الإدارات والوزارات كافة لحكومة الوفاق الوطني، وإنهاء حالة الانشقاق الجيو ـ سياسي، وسيادة القانون الفلسطيني، على القطاع والضفة، مع الالتزام بمستلزمات هذه السيادة. بلغ السيل الزبى، وعلى الجميع أن يدرك ذلك تمام الادراك بعيدا عن اي نهج فصائلي، ضيق وغير مجدٍ في آن!