نتنياهو وبينيت يُحييان صهيونية بن غوريون

0
حجم الخط


في العام 1960 شرح زيرح فرهفتيغ من «المفدال»، رئيس لجنة الدستور، للكنيست صعوبةً حلّتها حكومة بن غوريون بتعريفها أراضي الصندوق القومي لاسرائيل، وكذا الاراضي التي صودرت بوسائل العنف، كـ»اراض وطنية» (القانون الاساس: أراضي اسرائيل):
«بودنا أن يكون واضحا أن أرض اسرائيل تعود لشعب اسرائيل. وشعب اسرائيل هو مفهوم اوسع من الشعب المتواجد في صهيون، لأن شعب اسرائيل يوجد في العالم كله. من جهة اخرى، كل قانون نتخذه هو في صالح كل المتواجدين في الدولة، وكل المتواجدين في الدولة يشملون ايضا الناس الذين لا ينتمون لشعب اسرائيل العالمي... «والبلاد لن تباع الى الابد»... بلاد اسرائيل، اراضي اسرائيل، لن تباع الى الابد... نحن نعطي لباسا قانونيا لانظمة الصندوق القومي لاسرائيل» (19/7/1960). الاراضي – فقط لليهود، لسان القانون عالميا.
في العام 1967 توقع زعيم «المفدال»، حاييم موشيه شابيرا، الشرخ القيمي المتوقع من احتلال شرقي القدس والضفة. فقد فهم مكان الدين في الايديولوجيا الصهيونية، بخلاف العلمانيين ممن تنكروا للبعد المسيحاني ووصفوا صهيونيتهم كـ»علمانية تماما». وبالفعل، اندلعت الازمة فور الاحتلال. ففي مستهل منشور «اسرائيل الكاملة» الذي وقعت عليه كل الشخصيات الثقافية، من الترمان وحتى أتسغ، جاء: «نحن ملزمون بالولاء لوحدة بلادنا الاقليمية»، و»لا يحق لأي حكومة في اسرائيل التنازل عن هذه الوحدة الاقليمية» (22/9/1967). أزمة السيادة، التي بلغت ذروتها باغتيال رابين، وبالتحريض ضد المقترعين العرب في يوم الانتخابات الاخيرة – ولدت في حينه.
أضاف الاحتلال الاراضي وملايين «الاشخاص الذين لا ينتمون لشعب اسرائيل العالمي»، بلسان فرهفتيغ. الأرض الاقليمية أصبحت اسطورية. في المدارس علقت خرائط «البلاد الكاملة». الاولاد، الذين تربوا على الخرائط (آييلت شكيد في الجهاز «العلماني»، نفتالي بينيت في «الرسمي الديني») تعلموا الا يعتذروا، إذ يقول «التناخ» (الكتب المقدسة) إن البلاد لنا، والعرب، بشكل عام عمالقة، او في الحالة الانسانية «الساكن بقربك». وفي هذه الاثناء قدست وزارة الاديان المزيد من قبور الشيوخ من «قبر يوسف»، حتى «قبر عتنئيل بن كنز». الأرض الاقليمية الحقيقية تبخرت. بقينا مع الصورة الدينية، المسيحية في جوهرها، التي تشخص نصوصا عتيقة مع خريطة «علمية».
حاولوا رسم خريطة قشورنا: اربطوا في خط واحد النقاط التي تنطبق عليها الديمقراطية الاسرائيلية. أين توجد دولة القانون الملموسة، واين توجد الديمقراطية العسكرية ابنة الـ 48؟ بالمناسبة، مع الهجرة الاثيوبية والروسية، تلقت الحاخامية الرئيسة ايضا أهمية متجددة: بقوة «قانون العودة» القديم تميز بين مهاجر جديد من كيشناف وعامل اجنبي من كيشناف، بين مواطن من اصل اثيوبي ولاجئ ارتيري. الدين الوطني اصبح العمود الفقري الاسرائيلي.
نتنياهو وبينيت يجسدان نهاية عصر التلعثم. اللاوعي العنيف – ليس فيه «محظور» – يتلقى الحق من الزعيم. «هو يقول ما نفكر به»، هكذا ينام الجمهور مغناطيسيا. ليس للعنف السلطوي لجان، ولهذا فإن الديمقراطيات تتزود بالكوابح – دستور، فصل سلطات. اما عندنا، فإن كل شيء يهدد بالغرق داخل عنف الاغلبية، المزيتة بالخطاب الديني، تخلط الحزن والشهوة المسيحانية (لحظات قوة محكمة العدل العليا في تاريخنا معدودة ومهمة، بالضبط لهذا السبب، رغم أم الحيران).
يقترح نتنياهو مثلا حق الاقتراع للاسرائيليين الذين يعيشون خارج البلاد، كي يضمن اغلبية «شعب اسرائيل» على «الناس الذين لا ينتمون لشعب اسرائيل العالمي» في «بلاد اسرائيل الكاملة». صهيونية رأسمالية جديدة: في الصباح تطير اسرة رجال أعمالنا لعواصمها العادية – من بودبست وحتى واشنطن – هناك يوجد معنى مدني للقانون. وهنا، يسلبون الاراضي والبيوت ويهذرون «صهيون بالقضاء تفدى». «راشي» يفسر: «كي يكون فيها فاعلو قضاء». آه، شكيد هي التواصل للسلالة: يشعياهو، راشي، بتسليئيل سموتريتش.
عن «هآرتس»