سفن أب مشروب غازي بطعم الليمون. في السبعينيات شرع منتجوه بحملة دعائية تحت شعار "نحن الـ un-cola". عمليا قالوا، كل من مل طعم الكوكا كولا او توصل الى الاستنتاج بان المشروب الشعبي يضر بصحته مدعو ليختارنا. واعتبر الشعار ألمعيا. وعلى الرغم من ذلك فقد انقضى عهده، لان الناس، حتى اولئك الذين هم عطشى للتغيير، لا يكتفون بمعرفة ما هو "لا". فهم يريدون ان يعرفوا ما "نعم".
كلما طال عهد نتنياهو في الحكم، يكثر السياسيون الذين يسعون ليسوقوا انفسهم كـ un-bibi. وآخر من صعد الى هذه الموجة هو جدون ساعر. في خطوة احتفالية للعودة التي نظمها لنفسه، حرص على أن يكرر كل الشعارات التي تجتذب التصفيق في اجتماعات مركز "الليكود". وغير ذلك لم يقل شيئا (وفي النهاية تبين أنه حتى العودة هي خدعة: فساعر كان هناك، في مناسبات اعضاء مركز الليكود، كل الوقت. هو وعقيلته الصحافية. الفارق الوحيد هو أنه بدأ يجمع لنفسه التبرعات).
وهو الحال بالنسبة للمرشحين الاخرين لخلافة الكرسي المنشود. ليس لهم ما يعرضونه غير حقيقة ان اسمهم ليس نتنياهو وزوجاتهم ليست خبيرة نفسية للاطفال في الخدمة العامة. ليس لهم ما يعرضونه في الامن، في المجتمع، في الاقتصاد، في الثقافة، في السلام. لهم انتقاد شخصي، صريح ومبطن، على نتنياهو، ولكن ليس لهم انتقاد على سياسته.
يائير لبيد هو الموهبة الاكثر كفاءة في دوري الـ un-bibi. فقد اختار، بكلماته، الا يكون معارضة – أن يكون بديلا. هذا يعني ان يقلص قدر الامكان كفاح حزبه ضد الحكومة، كفاح كان سيلونه بالوان يسارية، وليبني صورته كنتنياهو محسن.
وكما تفيد الاستطلاعات الاخيرة، ففي اختيار لبيد يوجد منطق تسويقي. جزء لا بأس به من الجمهور الاسرائيلي تعب من الوجود الطويل لنتنياهو في حياته، ومستعد، في الاستطلاعات على الاقل، ليقول انه سيصوت لمرشح آخر. ولكن لهذا الجزء من الجمهور لا يوجد انتقاد حقيقي على خطوات الحكومة وسياستها. ومثلما في النكتة العسكرية القديمة ذاتها، البشرى الطيبة هي أننا سنبدل الملابس الداخلية، اما البشرى السيئة فهي اننا سنبدلها فيما بيننا.
ثمة شيء مثير للحفيظة، تهكمي، جبان في هذا الهزال. في الافق تنتظر معضلات أصعب بكثير، اكثر تعقيدا بكثير، من مسألة ماذا سيكون غدا لون شعر نتنياهو. ولا اقصد فقط النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. فالدولة تتغير أمام ناظرينا: تتغير في مستوى تسامحها تجاه الاقليات، تجاه حرية الصحافة، تجاه مكانة الدين اليهودي في التشريع وسلم الاولويات الوطني؛ الفجوة الكبيرة في المداخيل تهدد التكافل الداخلي، فكرة المجتمع المتجند؛ الحكومة لا تقدم أجوبة على هذه الاسئلة. بعضها تستغل لتحريض الاسرائيليين الواحد ضد الاخر.
نتنياهو يقدم للاسرائيليين وهم الوضع الراهن غير القائم: الحياة لا تحتمل الجمود، والواقع يتغير كل يوم في الجانب اليهودي من الضفة – في المستوطنات – وفي جانبها الفلسطيني؛ وهو يتغير في غزة؛ وهو يتغير في الشرق الاوسط ويتغير في المجتمع الاسرائيلي في الداخل. الازمة ستأتي في عهد نتنياهو أو بعده. فماذا يقترح خلفاؤه مما لا يقترحه هو؟
الشاعرة حايا شنهاف كتبت قبل سنين قصيدة جميلة للاطفال، لحنها يوني ريختر وغناها اريك آينشتاين. وهي تقول هكذا: "سيد شوكو يذهب ليزوررفيقه/ سيد شوكو آخر يلمع حذاءه، يمشط شعره/ ويسير مع عصا ومنشفة...". يلتقي سيد شوكو الاخر ويسأله: "ماذا نفعل؟ فيقترح رفيقه : "ربما نذهب لنزوررفيقنا/سيد شوكو آخر؟:"وعندها يسير السيدان الشوكولاتيان ويجدان سيد شوكو ثالثاً، وهكذا دواليك. ويسأل السائل : لماذا نجتهد كثيرا كي نبدل سيدا بسيد اذا كنا في نهاية الامر كلنا مصنوعون من الشوكو ذاته؟
عن "يديعوت"