يهدف الإضراب عن الطعام، الذي يخوضه «المخربون» السجناء في إسرائيل، الى وضع تحدٍ أمامها، لكن الى جانب التحدي فان الاضراب يقدم لنا فرصة كبيرة وحقيقية. فمن أجل استغلال هذه الفرصة يجب علينا فهم دوافع العدو. اضافة الى الصراع الداخلي على ميزان القوة والسيطرة على المنظمات «الارهابية» والسلطة الفلسطينية فان نشطاء «الارهاب» يريدون أولا وقبل كل شيء الانتصار في ملعب الدعاية. هدفهم هو قلب الموازين بين الجيد والسيئ. وتصوير الدولة اليهودية التي تدافع عن نفسها أمام «الشيطان» دولةً قبيحة وغير انسانية، أما هم فضحايا.
لم تنجح اسرائيل في السابق في منع «المخربين» من تحقيق إنجازات دعائية؛ لأنها امتنعت عن عرض جرائمهم الفظيعة. ومجرد استخدام المصطلح التقني «أسرى أمنيون» يخدم «الارهاب»، وهو المصطلح الذي يصف وجودهم في الاعتقال بشكل محايد، ويتجاهل تماما عمليات القتل التي نفذوها. وفي المرحلة القادمة سيتم شطب لقب «أمنيون»، وفجأة سيتم وصف القتلة بأنهم «أسرى»، هذا المصطلح الذي يثير مشاعر الشفقة والرحمة. الاضراب عن الطعام يهدف الى استكمال العملية من أجل تبييض «الارهاب» في الرأي العام.
ليس هناك من هو أكثر بعدا من البرغوثي وأمثاله عن الضمير. أسرى الضمير ومقاتلو الحرية الحقيقيون تجرأوا على الوقوف أمام ماكينات السوء، وضحوا بحياتهم من اجل المفاهيم السامية. أما منظمات «الارهاب» الفلسطينية فبنت ماكينات القتل، وقامت بتغذيتها بمئات بل آلاف الضحايا الابرياء، يهودا وعربا ...
إن الاجابة الاولى التي يجب على اسرائيل اعطاؤها للمضربين عن الطعام هي طرح الحقيقة. ممنوع أن يمر يوم دون ذكر جرائمهم. يجب علينا القول إن القتلة من «حماس» و»فتح» و»الجهاد الاسلامي» يحصلون على ظروف اعتقال جيدة أكثر مما هو مقبول وصحيح ومنطقي. من الجيد أن الحكومة قامت بتقليص الامتيازات التي منحت لهم في السابق، لكن ما بقي لهم أمر مستفز. هدف العقاب هو التسبب بمعاناة المجرم من خلال القيود كي يندم على ما فعل. هل يعتقد أحد ما أن «المخربين» المُدانين الذين يقومون بادارة حياتهم في السجن بحكم ذاتي كامل تقريبا، ويُعدون الوجبات الفاخرة ويحتفلون عند انضمام قتلة جدد، يعانون بالفعل ويشعرون باليأس؟
الاضراب يوفر فرصة لاصلاح الوضع. يجب الغاء كل الامتيازات التي تجعل «المخربين» يرغبون في البقاء في السجن. ومن يتسبب بموت الآخرين دون الندم على ذلك لا يستحق التسهيلات. لذلك فان الاجابة الثانية التي يجب على اسرائيل اعطاؤها هي صيغة بسيطة: مقابل كل يوم اضراب سيتم إلغاء أحد التسهيلات.
يحاول منظمو الاضراب تخويف اسرائيل بموت أحد «المخربين» المضربين عن الطعام. هذا تهديد فارغ. إن إظهار الضعف يعني انتصار «الارهاب». يجب على اسرائيل أن تكون مصممة وأن لا تتنازل أو تقوم بتقصير ذراعها، سواء داخل السجن أو في المعارك الدعائية. ومثلما قال جابوتنسكي: «نعم، يجب أن نَكسر».
عن «إسرائيل اليوم»