عقد مركز رؤية للدراسات الاستراتيجية، اليوم الخميس، المنتدى الفكري الثاني بعنوان "غزة إلى أين؟؟ في ضوء التطورات الدولية والإقليمية والمحلية"، عبر ورقة للأستاذ الدكتور إبراهيم ابراش وبحضور نخبة من الكتاب والباحثين في مقر المركز بغزة.
وأشار، مدير الدراسات والأبحاث بالمركز منصور أبو كريم، إلى أن المنتدى جاء في سياق قراءة مستقبل غزة، في ضوء التطورات المحلية والإقليمية الدولية، خاصة بعد خطة الطريق التي وضعها الرئيس محمود عباس لاستعادة قطاع غزة.
وحول الأحداث في قطاع غزة خلال العشرة سنوات الماضية، أكد الكاتب والمفكر السياسي الدكتور إبراهيم أبراش، على أن القضية الفلسطينية غُيِّبَت وأصبح الحديث عن غزة، وكأنها أصبحت أساس القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحروب المتكررة على غزة ساهمت في صناعة دولة غزة، وعززت فصلها عن الضفة، كما وخلقت وضعاً سياسياً وإنسانياً مهد لفصل غزة عن الضفة تحت حكم حركة حماس.
وأوضح، إلى أن هناك تقاطع مصالح حول بقاء الأوضاع في غزة كما هي التي جاءت في السابق ضمن سياق المشروع الأمريكي في المنطقة، والذي سعى لحكم جماعات الإسلام السياسي في المنطقة، مضيفاً، إلى أن هناك دولاً ومنها قطر وتركيا عملت كل ما في وسعها لبقاء حكم حماس في غزة كما هو، وفصل غزة عن الضفة الغربية، ضمن سياق المشروع الأمريكي في المنطقة، الذي تراجع بعد صعود ترامب، وبالتالي هناك متغيراً جديداً في الساحة الدولية والعربية، قد يمهد لتغير ما في الحالة الفلسطينية
وتطرق أبراش، إلى أن نقطة التحول الرئيسية في المنطقة كانت مع سقوط الإخوان في مصر وانتهاء حكم محمد مرسي، ومن ثم تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض، فهذا المتغير الدولي مهد لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة برؤية مختلفة عن رؤية الرئيس السابق باراك أوباما، بالإضافة لتحول العلاقة بين تركيا وإسرائيل.
كما ورأي، أن تالفات حركة حماس الإقليمية وصلت لطريق مسدود، وأن حركة حماس لم تقدم نموذجاً جيداً في الحكم في، فالأوضاع الاجتماعية الاقتصادية قد تراجعت في ظل حكم الحركة، كل ذلك دفعت الرئيس للتسلح بالوقف العربي والدولي من أجل إعادة استعادة غزة، وأن هذه المبادرة التي قدمها الرئيس والتي جاءت على شكل إنذار أخير، وجاءت قبل زيارة الرئيس لواشنطن، في ظل توافق مصري وأردني مع الرئيس ترامب والاستراتيجية الأمريكية الجديدة.
وأكد الدكتور أبراش، على أن الفلسطينيين هم أصحاب القضية لكن ليسوا هم أصحاب القرار وأن التسوية هي محصلة لموازين قوى دولية وإقليمية، وأن هناك تخوفاً من فرض تسوية أو تسكين القضية الفلسطينية من أجل سهولة ترتيب المنطقة من جديد، وأبدى تخوفه من حلول أمريكية قادمة قد تكون أكثر سوءاً من اتفاق أوسلو نفسه.
وبدوره أكد رئيس مركز آدم لحوار الحضارات عماد الفالوجي، على أن جماعة الإخوان السلمين وحركة حماس تحاول الاستفادة من أي متغير سياسي يحدث في العالم، مثل أي حركة، منوهاً، أن الانقسام سوف ينتهي عندما يتغير دور حركة حماس، فهناك رؤية غربية أن الحركة أكثر قدرة على تحقيق تسوية أو حل للقضية الفلسطينية، وأكد أن فريق ترامب سوف يطرح رؤية محورها غزة، عبر طرح فكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة كمقدمة لحل القضية الفلسطينية أو نقل الدولة للضفة الغربية، وبالتالي جاءت خطوة الرئيس عباس في هذا السياق.
من جانبه نوه الكاتب شفيق التلولي، إلى أن وثيقة حركة حماس تعتبر المتغير الجديد في الساحة الفلسطينية، وأن هذه الوثيقة بما حملت من أفكاراً تمثل رسالة للغرب أن الحركة أصبحت جاهزة سياسياً وفكرياً لتكون بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، لأن الوثيقة خلت من التأكيد على منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وحول موقف حركة حماس من القضية الفلسطينية، بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم المصري، أن حركة حماس تسعى لتحقيق مصالحها الحزبية على حساب القضية الفلسطينية، وأن استمرار الانقسام والتمسك به، هو محاولة من الحركة لاستمرار مصالحة على حساب المصالح العليا للشعب الفلسطيني، خاصة في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة.
وعلى صعيد أخر، أكد أستاذ القانون الدولي أحمد الغندور، أن هناك خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية، من طرح الرئيس ترامب لصفقة القرن من أجل أنهاء القضية الفلسطينية في إطار الحل الإقليمي، كمقدمة لترتيب الأوضاع في المنطقة، وأن هناك تخوف فلسطيني من هذا المشروع الذي يهدد الحقوق الوطنية الفلسطينية، لذلك المطلوب الآن سرعة إنهاء الانقسام والسماح لحكومة التوافق الوطني بتولي مهامها في غزة.
وحول مستقبل غزة، أشار الباحث جمال الفاضي، إلى أن غزة تسير إلى حالة اللايقين وأن هناك حالة ضبابية تسطير على مجمل الأوضاع في غزة، وأن المشروع الوطني في خطر، وأن إسرائيل المستفيد الوحيد من هذه الحالة، وأن هناك انقلاباً في الساحة الدولية والإقليمية بسبب قدوم ترامب، الذي غير أولوية السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، ورجع لتحالفات أمريكا القديمة في المنطقة.
ومن جانب أخر أوضح الباحث رائد نجم، أن غزة هي جزء من الإقليم وتؤثر وتتأثر به، وأن التحولات الدولية والإقليمية انعكست بشكل مباشر على غزة والوضع في غزة، وأن هناك محاولة أمريكية لإعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة على أسس مختلفة عن مشروع أوباما الذي عمل على وصول حركات الإسلام السياسي للحكم في المنطقة، وأكد أن ملامح السياسة الخارجية الأمريكية أصبحت ظاهرة وواضحة للجميع، ورأي أن مشروع الشرق الأوسط الجديد، قد بدأ من غزة قبل عشرة سنوات، وأنه كان ولازال هناك مخطط لتوسيع قطاع غزة على حساب الأراضي المصرية، لكن الجيش المصري أفشل المخطط مع عزل مرسي.
وحول موقف الرئيس عباس، رأى الباحث حسن سلامة، أن الرئيس قد قرأ المشهد جيداً، وأدرك خطورة الأوضاع وطبيعة التحولات والمتغيرات، لذلك طرح هذه المبادرة، مشيراً، إلى أن هناك احتمالين أمام حركة حماس إما القبول بها والتجاوب مع الرئيس عباس، أو المراوغة السياسية وانتظار القادم.
وحول وثيقة حركة حماس، رأي الباحث رائد حسنين، أن الوثيقة تعتبر بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية، وأن الوثيقة تعتبر جواز سفر للحركة على المستوى الدولي الذي يشهد إعادة لترتيب الأوضاع، وأكد أن المطلوب الآن البحث عن مخارج وطرق الخزان بقوة قبل حدوث كارثة إنسانية في غزة.
كما وتطرق الباحث الاقتصادي رائد حلس، إلى الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، أكد، على أن هناك كساداً اقتصادياً في غزة وان قرار الحكومة الفلسطينية الأخير أثر على مجمل الأوضاع الاقتصادية في غزة، وأن هذا الخطوة قد أربكت المشهد الاقتصادي والاجتماعي في غزة، وأن استمرار هذه الأوضاع سوف يؤثر على كل الشرائح والفئات الاجتماعية والقطاعات الإنتاجية.
من جانب أخر أوضح الباحث السياسي محمد الصفطاوي، أن إسرائيل هي المستفيد الوحيد من هذه الحالة، وأن الفرصة لإسرائيل مواتية لتصفية القضية الفلسطينية، وأن هذا المشهد يطرح تساؤل حول ماذا تريد حركة حماس من غزة ؟ وما هي الخطوات التي يملكها الرئيس في حالة عدم تجاوب الحركة مع المبادرة. وأكد أنه يرى أن حركة حماس لن تتجاوب مع خطوات الرئيس وأن قطاع غزة يسير نحو المجهول!
وأضاف الإعلامي فادي منصور، أن صعوبة المشهد الفلسطيني، وتراجع القضية الفلسطينية عبر تاريخ الثورة والنضال، ما هي إلا استمراراً لمسلسل الأزمات التي تشهدها الحالة الفلسطينية منذ سنوات.
وفي نهاية المنتدى الفكري الثاني أكد المجتمعون على النقاط التالية:
- ضرورة إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية بشكل سريع.
- ضرورة السماح لحكومة التوافق الوطني لتولي مسؤوليتها الكاملة تجاه غزة.
- رفض مشاريع الحل الإقليمي، والتمسك بالمشروع الوطني والدولة الفلسطينية.
- التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
- ضرورة تقديم المصالح العليا للشعب الفلسطيني على المصالح الحزبية الضيقة.
- ضرورة تجنيب الشارع الفلسطيني التوتر والاحتقان الاجتماعي والسياسي.