جريمة القتل في قطاع غزة إحصائيات وأرقام!!!

منصور.jpg
حجم الخط

تعتبر الجريمة ظاهرة اجتماعية لازمت المجتمعات الإنسانية منذ القدم، وعانت منها البشرية على مر السنين، ولا يخلو أي مجتمع إنساني من الجرائم، سواء كانت دولاً متقدمة أو نامية، ولكنها تتباين من مجتمع سكاني إلى آخر من حيث النوع والكم، بل تتباين داخل المجتمع الواحد، تبعاً لاختلاف مكوناته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وسجلت معدلات جريمة القتل ارتفاعاً ملحوظاً في غزة خلال الفترة الماضية، حيث شهد قطاع غزة تزايد في معدلات ارتكاب جريمة القتل بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية واستمرار الحصار والانقسام الفلسطيني، فمنذ أن سيطرت حركة حماس على غزة، أصبح القطاع يعاني من ارتفاع معدلات الجريمة وخاصة جريمة القتل، نتيجة الحصار والانقسام وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، والكثافة السكانية العالية، فقد أظهرت أحدث إحصائية صدرت عن الإدارة العامة للأحوال المدنية بوزارة الداخلية بغزة، أن عدد سكان قطاع غزة بلغ مع نهاية العام 2016، مليونين و15 ألفاً و64 نسمة. وحسب إحصائية مركز المعلومات في وزارة الداخلية، فإن قطاع غزة وصل تعداد سكانه مليونين و15 ألف نسمة، بنسبة 50.66% ذكور، و49.34% إناث. وأظهرت الإحصائية أن قطاع غزة يشهد شهرياً حوالي 5 آلاف مولود جديد، فيما يشهد القطاع سنوياً تسجيل أكثر من 53 ألف مولود جديد، وبلغت الكثافة السكانية في الأراضي الفلسطينية نهاية العام 2014، 767فرد كم2، منها في الضفة الغربية حوالي 500 فرد كم2، ووصلت في غزة إلى 4,904 فرد في كم2، علماً أن مساحة قطاع غزة تساوي 365كم2، ما يساوي 1% من مساحة فلسطين، بينما تساوي مساحة الضفة الغربية حوالي 5,860 كم². وهي ما يقارب 21% من مساحة فلسطين.

ويعتبر القتل من المؤشرات الأساسية في كثير من الدراسات على السلامة العامة أو الإحساس بالأمن الشخصي، ففي دراسة نشرت حديثاً حول الحياة في أكبر منطقة حضرية في العالم وكان هدفها تقدير وتصنيف نوعية الحياة في هذه المدن الكبرى وفقا لعدد من المقاييس، وكان السؤال الذي وجه إلى سلطات أو إدارات الإحصاء في تلك المدن هو: ما عدد جرائم القتل بكافة صورها التي تمت خلال عام وذلك من واقع بيانات الشرطة المحلية. وقد أشارت الدراسة المذكورة إلى أن مؤشر الخطر الذي يعتمد على معدل حالات القتل /100000 نسمة في السنة ينقسم إلى عشرة مراتب أشدها خطراً تلك المدن التي تأخذ المرتبة رقم (1) وهي التي تزيد فيها حالات القتل عن 30 حالة قتل /100000 نسمة، وأما أقل المدن خطراً فهي التي تأخذ رقم (10) وقد سجلت معدلات قتل تقل عن 1.5 حالة قتل /100000 نسمة.

ويؤثر الشعور بالتهميش والفقر والبطالة لدى بعض الجماعات بشكل كبير على الأمن الاجتماعي لأنه من المعروف أن الفقر من أهم دوافع الجريمة والشعور بالنقمة على الفئات غير الفقيرة، علاوة على الدولة والمجتمع، كما أن البطالة تحدث خللا في نظام الأمن الاجتماعي خاصة عندما تتحول إلى ظاهرة عامة تحدث قلقاً حيال مستقبل هذه الفئات مع مراعاة الجوانب المشتركة بين الفقر والبطالة. حيث تؤدي البطالة إلى الفقر في كثير من الأحيان. ويشير التقرير السنوي لفعاليات وانجازات الشرطة عام 2014 الى ارتفاع ملحوظ في معدل الجريمة في فلسطين، حيث وقعت 88 جريمة لكل 10 آلاف، حيث قدرت نسبة جرائم القتل وحدها ارتفاعا بنسبة 10.7% خلال عام 2013، حيث بلغ عدد جرائم القتل (31) جريمة نتج عنها (34) حالة وفاة منها (23) ذكراً، و(11) أنثى، واحتلت جرائم القتل أثناء المشاجرات المرتبة الأولى بين دوافع ارتكاب جرائم القتل بنسبة 35%، في حين شكلت جرائم القتل على ما يعرف بخلفية الشرف ما نسبته 15%، وعن الأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة سجل السلاح الناري أعلى نسبة بما يزيد على 40%.

وخلال الفترة الأخيرة زادت معدلات جريمة القتل في قطاع غزة، وذلك نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وانتشار البطالة والفقر، خاصة بعد تكرار الحروب والحصار المفروض على القطاع، فأصبح لا يمر شهر أو حتى أسبوع وتطالعنا الأخبار عن جريمة قتل جديدة، نتيجة لتلك الظروف. حيث تواصلت جرائم انتهاك الحق في الحياة والاعتداء على السلامة والخصوصية، خلال عام 2016 والاعتداء على سيادة القانون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووفقاً لتوثيق المراكز الفلسطينية لحقوق الإنسان فقد قتل خلال عام 2016م، 50 شخصاً في حوادث تتعلق بسوء استخدام السلاح والاعتداء على سيادة القانون، من بينهم 27 شخص في قطاع غزة و23 في الضفة الغربية، من بينهم 5 أطفال و6 نساء وأصابه 40 أخرين، وكانت الجرائم تندرج ضمن السياقات التالية، 26 حالة قتل في النزاعات والمشاكل العائلية، ومقتل 11 شخص نتيجة سوء استخدام السلاح أو العبث به، ومقتل 10 أفراد على يد أفراد الشرطة نتيجة استخدام القوة المفرطة، ومقتل أثنين من النساء على ما يسمي شرف العائلة، ومقتل شخص في أعمال تتعلق بالمقاومة الفلسطينية .

وبشكل خاص شهد قطاع غزة خلال الفترة الماضية العديد من حالات القتل لأسباب مختلفة، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فقد وقعت خلال عام 2016 والربع الأول من عام 2017م، 16 جريمة قتل جنائية، بمعدل جريمة كل شهر؛ راح ضحيتها 9 رجال و6 نساء وطفل واحد، منهم 5 حالات قتل بسبب خلافات اسرية، 4 حالات بسبب خلافات مالية وشخصية، و4 حالات بدافع السرقة، 2 بسبب ثأر عائلي، وواحدة بالخطأ، وأيضا من 6 حالات قتل لنساء 3 منهم بدافع السرقة، 2 بسبب خلافات أسرية، وواحدة بالخطأ. وحول التوزيع الجغرافي لحوادث القتل في محافظات قطاع غزة خلال فترة 16 شهراً السابقة، تبين أن 8 حالات قتل وقعت في نطاق محافظة غزة، و4 في نطاق محافظة خانيونس، و2 في رفح، وحالة وقعت في محافظة شمال غزة، وأخرى وقعت في محافظة الوسطى، ومن ذلك يتبن أن المدن الكبيرة واستحوذت على النسبة الكبيرة من حوادث القتل، بسبب الكثافة السكانية العالية.

لا شك أن ارتفاع جريمة القتل يعتبر من مؤشرات الخطيرة على قوة وتماسك المجتمعات، خاصة المجتمعات التي تخوض نضالاً سياسياً يطلب نوع مع التماسك الاجتماعي، لذلك فأن انتشار الجرائم في المجتمع الفلسطيني وخاصة جريمة القتل يترك تداعيات خطيرة جداً المجتمع الفلسطيني، مما سوف يؤثر على قوة وتماسك المجتمع الفلسطيني، وقدرته على الصمود التحدي في مواجهة التحديات، وخاصة التحديات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم أن جريمة القتل في المجتمع الفلسطيني غير منظمة، وعلى الرغم أنها أيضا مرتبطة بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، إلا أن انتشار هذه الآفة أصبح يهدد المجتمع الفلسطيني وتهدد النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني، مما يتطلب من الجميع الوقوف عند مسؤوليته والبحث عن مخرج للأزمة الحالية قبل فوات الآوان.