لم يخيل للاعب كرة القدم التونسي الشاب علي البرني أنه سيصنع الحدث في بلاده، بمجرد ظهوره في برنامج تلفزيوني شهير اختاره ليضغط من خلاله على والدته من أجل أن تذعن لطلبه.
كان طلب الشاب هو أن تقبل والدته أن يتبرع لها بإحدى كليتيه، بعد أن أعيتها زيارة المستشفى يوماً بعد يوم لتخضع لعملية "غسيل كلوي" تستغرق أربع ساعات كاملة.
وكرر الشاب، الذي يعيش وحده مع والدته بعد أن غادرهما والده ثم شقيقه الأكبر الذي هاجر إلى إيطاليا منذ سنوات، طلبه من والدته لعدة شهور لكنه كان يجابه كل مرة برفض قطعي منها، خشية عليه وعلى مستقبله.
ولم يجد الشاب بداً من اللجوء إلى البرنامج الشهير "عندي ما نقلك" الذي تبثه قناة الحوار التونسي الخاصة والمخصص لعرض الحالات الإنسانية.
وفوجئت الوالدة عندما علمت عند دخولها الاستوديو أن ابنها الأصغر هو من وجه لها الدعوة ليحملها على الاقتناع بطلبه.
ورغم دموعه الغزيرة ومحاولات مذيع البرنامج المتكررة، إلا أن الأم بقت على عنادها مؤكدة أنها خاضعة لأمر الله وقضائه ولا يمكنها أن تتصور أن يصاب ابنها بأي جرح ولو بسيط، لاسيما أنه يتكسب عيشه من ممارسة كرة القدم. وبعد ساعات، اختصرها البرنامج في خمس وأربعين دقيقة، وعندما حانت ساعة اتخاذ القرار، ظلت الأم على عنادها رافضة أن تكون عملية رفع الستار الذي يفصل بين ضيفي البرنامج والتي تعد علامة على القبول، دليلاً على أنها أذعنت لطلب ابنها.
لكن الابن تمسك بمحاولاته الأخيرة وتوعدها بأن ينقطع عن كرة القدم وعن فكرة الزواج إذا لم تقبل بكليته، وشاركه المذيع في إقناعها بالقبول.
وانخرطت الأم لمدة طويلة في التضرع إلى الله بأن يهديها إلى القرار الصحيح وأن يحفظ أبناءها.
في الأثناء، انهار ابنها وانهمرت دموعه بغزارة حتى إنه كان يتوسل لها أن تقبل وتكف عن الدعاء وتفتح الستار، لأنه "لم يعد يقدر على التحمل".
وبعد دقائق، قبلت الوالدة فتح الستار، لينطلق لها ابنها جاثياً على قدميه، ومجبراً عشرات الحاضرين في الاستوديو، ومشاهدي البرنامج على الشاشة، على الانخراط بدورهم في البكاء تأثراً بالمشهد وتعاطفاً مع الشاب الذي أضحى مثلاً على البر بالأم.
وقال علي في تصريحات لعدة وسائل إعلام إنه تلقى مئات المكالمات عرض بعض أصحابها كلاهم بدلاً منه، لكنه رفض مصراً على المضي في قراره.
وأضاف أنّه لم يفعل ذلك طلباً للشهرة وإنما تلبية لواجبه إزاء والدته، مشيراً إلى أن شقيقه عاود الاتصال بالأسرة، بعد مشاهدة البرنامج ودعاه إلى التريث وانتظار عودته من إيطاليا نظراً لصغر سنه والتزاماته المهنية مع رياضة كرة القدم، قائلاً إنه يرغب في التبرع لها بنفسه بكليته بدلاً من شقيقه.
وانتشرت القصة في عدد من وسائل الإعلام الأجنبية من ضمنها قناة أسترالية أنتجت شريط فيديو قصيرا عنها حاز في فترة وجيزة نحو 3 ملايين مشاهدة على "يوتيوب".