قال رئيس سلطة النقد الفلسطينية المحافظ عزام الشوا، إن الأزمة الخانقة التي يعيشها قطاع غزة الآن، من تداعيات حصار بشع على مدى 10 سنوات وليست ناجمة عن خفض رواتب موظفي السلطة في إشارة لقطع نسبة 30 في المئة من الإضافات على الرواتب.
وأوضح الشوا، خلال حديثه لـ «الحياة» اللندنية، أن «إجراء خفض الرواتب صدر منذ شهر فقط، لكن غزة تعجّ بمشكلات جمة ومتراكمة منذ فترة طويلة، فالإغلاق المستمر عليها أثّر سلباً في المشاريع وبدوره على سائر العملية الإنتاجية وتسبب بشلل تام في قطاعات سوق العمل كافة».
وتابع: «لو تابعنا مؤشر سلطة النقد لدورة الأعمال الشهري في قطاع غزة لوجدناه يتناقص منذ أشهر. هناك بطالة نسبتها 46 في المئة، وهذه النسبة ارتفعت أخيراً بسبب عدم استكمال عدد من المشاريع التي كانت قائمة. فالمانحون لم يفوا بالتزاماتهم، ما أدى إلى وقف تدفق الأموال».
ولفت الشوا إلى أن «الأوضاع المعيشية صعبة أساساً بسبب الإغلاق، وهذه كلها عوامل ضغط كفيلة بأن تولّد الانفجار، لذلك لم يتحمل الناس قضية خفض الرواتب الذي أثّر سلباً، إلا أنه ليس أساس الأزمة كما ذكرت».
وبيّن أن الوضع المالي للسلطة بـ «الصعب»، لافتاً إلى أن سلطة النقد ليست لها علاقة بأيّ قرار سياسي أو مالي. وقال: «نحن كسلطة نقد مستقلون وعنواننا هو البنك المركزي. حتى الشهر الماضي تم دفع رواتب موظفي السلطة في قطاع غزه في موعدها، لكن مع خفض بنسبة 30 في المئة على إضافات الراتب وليس على الراتب الأساس، ما تسبب بفراغ مالي للموظفين في غزة وانعكس سلباً على تدفق السيولة داخل القطاع».
وشدد على أن «هناك تدابير قمنا بها كي نحافظ على البنوك وعلى أموال المودعين والمقترضين، وتدخلنا من خلال مناشدة البنوك العشرة في القطاع والطلب منهم مراعاة الظروف وخصم جزء من مبالغ السداد للمقترضين، وتجاوبوا».
ونفى الشوا ما تردد عن أن الإجراءات التي قامت بها السلطة في قطاع غزة أخيراً سواء خفض رواتب موظفيها أو عدم دفع فواتير الكهرباء والمياه، هي إستجابة لمطالب أميركية، خصوصاً أنها تتزامن مع قرب زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن الاثنين المقبل.
وقال: «أستبعد ذلك، لكن أعتقد أن القيادة ترى بأن الوقت حان لإنهاء الإنقسام ووضع حد لهذا الوضع غير الطبيعي الذي تدار به فلسطين».
وأردف: «أن الرئيس عباس يتعرض دائماً لضغوط من الإسرائيليين بسبب ذلك، ويقولون له أنك لا تمثل كل الفلسطينيين»، مضيفاً أن «واجب الرئيس أن يعمل للمصلحة العامة الفلسطينية».
وعن احتمال قطع الرواتب بشكل كامل، أكد على أنه «مجرد تكهنات، لكن ليس هناك رسالة واضحة بهذا المعنى، فعلى رغم قوة ومتانة النظام المصرفي الفلسطيني، إلا أن عدم الانتظام في حجم الدخل يسبب تراجعاً في حركة الأموال. وحجم الرواتب من شأنه أن يؤثر سلباً في عمل البنوك في غزة، خصوصاً على حجم القروض وحركة التجّار.
وأشار الشوا إلى أن سلطة النقد بعيدة تماماً من أيّ تجاذبات فصائلية، وقال إنها «جسم واحد في الضفة وغزة معاً، وتُشرف على 15 مصرفاً وتديرها وتراقبها، يتواجد 10 منها في القطاع، ومربوطة جميعها بالشبكة الدولية. والمحافظ يقوم بوظيفته في غزة ويذهب وفريقه إليها في شكل دوري»، مؤكداً أن جميع القوى الفلسطينية مبتعدة من العمل المصرفي ومتفهمة لهذا الدور الإستراتيجي.
ونوه إلى زيارته الراهنة إلى واشنطن وإلى الاجتماعات المكثفة التي أجراها مع كل من «صندوق النقد» و «البنك الدولي» والتي كان على رأسها مسألة تطوير مؤسسة سلطة النقد من سلطة نقدية إلى بنك مركزي.
وتوقع أن يتم إصدار قانون بنك مركزي في غضون شهر، لافتاً إلى أن هذا الأمر يتعلق بمدى قدرة سلطة النقد القيام بمهامها وليست له علاقة بأي شق سياسي، مضيفاً: لقد تمت مراجعة هيكلة المؤسسة والقانون الذي سيصدر خلال هذه الاجتماعات، وسيتم إصدار قانون بنك مركزي بعد إنهاء بعض الترتيبات مع بعض البنوك المركزية العالمية.
وأشار إلى أن موضوع العملة سيكون موجوداً في القانون الفلسطيني من خلال خطة بحث سيتم وضعها لإصدار عملة فلسطينية في المستقبل القريب.
وبيّن أنالشوا: خصومات رواتب موظفي السلطة بغزة "مصلحة عامة" ولا يوجد قطع كلي المؤسسة تُدير أربع عملات (الشيكل والدينار الأردني والدولار واليورو) وتقع مسؤولية توفير هذه العملات في السوق المصرفية وإرجاع الفائض للبنك الأم، على عاتقها».