كلمات الاسير كريم يونس في المحكمة المركزية في حيفا خلال الجلسة التي عقدت بخصوص كسر المنع عن زيارات المحامين للاسرى المضربين والتي قال فيها: نحن مستمرون بالاضراب ولن نتوقف حتى لو خرجنا جثثا، هزت المشاعر واقشعرت الابدان، كلمات كبرياء وعظمة وشموخ ينطقها الاسير كريم المقيد اليدين، رافعا شارة النصر وبعد 35 عام يقضيها في سجون الاحتلال، وهي كلمات كفيلة ان تحرك ما على الارض وما في السماء وان تدعوا الجميع في كافة ارجاء الدنيا للنزول الى الشوارع والميادين، الاحياء والقتلى، الاشجار والاحجار والمقاليع واوجاع النكبة والنكسة، وان تستيقظ الارض بكل ما فيها من دماء وشهداء.
لم يكن المطلوب من الاسير كريم يونس أن يكون مضربا بعد 35 عاما، بل ان يكون محررا في البيت الى جانب امه العجوز المريضة الصابرة والتي لازالت تعيش على الرجاء والدعاء وهي تذوب مرضا سنة وراء سنة وتتحرك على كرسي متحرك ، تصارع زمن الاحتلال وزمن الموت لعلها تحتضن كريم يونس هناك بين البحر والكرمل والذكريات الجميلة.
هو لحمهم وملح دمهم ، وهي الكرامة التي يتصدى بها الاسرى لدولة لا تحترم كرامة وحقوق الانسان، دولة تجند كل اساليب القتل والقهر ووسائل شطب صورة الانسان الاسير ودفنه بعيدا وطويلا في ظلمات وقبور السجون.
هو لحمهم وملح دمهم ، يناطح القيد والحديد والفولاذ والغياب، يسيل ويفيض عن اسماءهم ووجعهم وصوتهم ليملأ الدنيا كي تزهر الضمائر والسفوح والسهول والوديان.
هو لحمهم وملح دمهم، يسيل على الشوارع وفي الساحات ، في المخيم والقرية و المدينة والكنيسة والجامع، يملأ المكان والزمان، يحاكم دولة الاحتلال على جرائمها العصرية المنظمة بحق شعب يستحق بجدارة كل الحرية والحياة.
هو لحمهم وملح دمهم ، هناك في الزنازين والمعسكرات ، في العزل وتحت سياط القمع، تحت ضربات قنابل الغاز والرصاص وبين الاسلاك، ارعدت ارادة الخلاص ، وانتفض الجوع في وجه السجان والجلاد وارهاب دولة الاحتلال ، وهناك سقطوا ووقفوا ، وهناك توحدوا وامطرت الارادات والدماء.
هو لحمهم وملح دمهم، ينتصرون وينتصرون، يتألقون الآن في ساحات العالم، الجميع يصل الى بوابات السجون، يسمع ضربات سواعدهم على الابواب المغلقة ، والجميع يرى انتهاكات دولة الاحتلال لكل قواعد وأحكام القانون الدولي الانساني، والجميع يرتعد ويخاف من دولة تمتد بفاشيتها الى كل ارجاء الدنيا، والجميع يقرر ان يشارك في معركة الاضراب.
هو لحمهم وملح دمهم، شهداء على كل غيمة تمطر ، تصعد من السجن ومن عظامهم المستنفرة، الشمس معهم والله والشعب والتاريخ وصوت مروان البرغوثي وكوفية ياسر عرفات وصمت الطوفان لأحمد سعدات وهو يربي جيلا يفيق في غرف التحقيق، ليصير الشعب حزبا والكل رفيق.
هو لحمهم وملح دمهم، في الطريق الى مهرجان الصباح، هنا في كل خيمة تضامن ، مع الاطفال والامهات والنساء والشيوخ والرايات، في المدارس والبيوت وعلى الارصفة، في الهواء والفضاء في الليل وفي النهار، حياتنا جملة واحدة، وموتنا جملة واحدة ، والألم لم يزل جاهزا للقتال وللمقاومة، والشجر لم يزل جاهزا للقتال، والمطر جاهز للقتال، فلتشهد اذن جميع الامم.
لحمهم وملح دمهم ، يذوب ويبعث حيا من جديد، لم تتوقف ساعة النبض في زمن السجون، هناك من ينهض ويتحرك ويرسل شرارة الجسد الوليد، وهناك من يحتضن الحياة على جوع وعطش وما يشاء يريد.
لحمهم وملح دمهم، يتوحدون مع شظاياهم، ترتعش دولة اسرائيل، هي تنزل الى خطاياها الكثيرة ، وهم يصعدون ويتألقون، عيونهم تقدح بالآتي، يشاهدون الزيتونة المنتظرة ، يشاهدون البيت والاولاد والمقلاع السحابات الممطرة.
هو لحمهم وملح دمهم ، اسرى يملكون كوشان الارض وكوشان التاريخ وكوشان الانسان، يخوضون اشتباكا ضد الطغيان ، والغضب والثورة تنمو في رحم القهر، من زنزانة ومن غرفة تحقيق، الثورة الآن تتصاعد وتتوالد، والثورة دائما حتى النصر حتى النصر.
هو لحمهم وملح دمهم على جياد النار
يولد من ضلوعهم وطن
يولد من جوعهم النهر والبحر والقرار