قبل عدة أسابيع وتحديدا عندما فشلت حكومته التي أرسلها في أول مهمة عمل رسمية إلى قطاع غزة، قدم رئيس حكومة الوفاق الفلسطينية الأكاديمي الدكتور رامي الحمد الله استقالته للرئيس محمود عباس “أبو مازن” بشكل شفوي، فور عودة الرجل من زيارة خارجية، على أن يتبعها باستقالة مكتوبة توضح الأسباب، لكن تدخلات من ساسة كثر أجلت ذلك، مقابل الموافقة على شرط لرئيس الحكومة بإجراء تعديل وزاري واسع.
وإلى تفاصيل الحادثة، فالدكتور الحمد الله الذي كان قبل شهر في زيارة خارجية لأندونيسيا، فيما كان وفد كبير من وزراء حكومته في غزة، في أول مهمة عمل رسمية لحصر موظفي السلطة السابقين، وفشلوا تماما بالمهمة لخلافهم حول تفاصيل عملهم مع حركة حماس التي تريد دمج موظفيها، وجد نفسه يقود حكومة توافق لا تسيطر إلا على الضفة الغربية فقط، دون قطاع غزة، وقد تحدث الرجل بذلك صراحة للرئيس عباس، حين كرر في لقاءه بعد فشل حكومته بغزة، ما يعرفه الجميع أن هناك من يقود الوزارات في غزة بعيدا عنه، ووقتها اعتذر للرئيس عن منصبه، ودعاه لقبول استقاله سيقدمها في وقت قريب، لكن أمام إلحاح الرئيس وبعض المستشارين والسياسيين للرجل بالعدول عن الاستقالة، خاصة أنها ستترك فراغ كبير، سيصعب بموجبه تشكيل حكومة توافقية مع حماس التي على الارجح ستشكل فورا إدارة لغزة، بشكل يعفيها من الانتقاد، خاصة وأن الموقف القائم حاليا بين فتح وحماس، لا يمكن من خلاله التوافق على تشكيل حكومة أخرى.
الحديث مع الحمد الله وقتها في مقر المقاطعة هنا في رام الله كما يروي أحد مساعدي رئيس الحكومة لـ “رأي اليوم” أسفر عن عدول الحمد الله عن الفكرة، مقابل حصوله على وعد من الرئيس أبو مازن، بإجراء تعديل وزاري كبير على الحكومة، كان الرجل ، أي الحمد الله، سيناقشه مع حماس رسميا في زيارة له لغزة، أجلت هي الأخرى خشية من فشل جديد، وأوكل الأمر لعزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لفتح، والشخص الذي يقود الحوار مع حركة حماس.
وتفيد الكثير من المعلومات أن الحمد الله يريد تغيير كبير في الحكومة، وتكليف أحد وزراء غزة بمهام نائب رئيس الحكومة، والإقامة في غزة ومتابعة عمل الحكومة عن قرب.
في تلك الفترة أجرت اتصالات عديدة بين قادة من فتح وآخرين من حماس، موجودين في رام الله وغزة، وأخرى أجريت عبر وسطاء، قبل أن تصل الاتصالات إلى الخارج، بطلب الأحمد لقاء الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس حماس، واتفقا على اللقاء في لبنان.
ما ورد من معلومات مؤكدة تقول ان لقاءات الرجلين المتكررة في بيروت قبل عدة أيام، تكرر فيها بشكل كبير بحث ملف التعديل الوزاري، فلم يحصل مسؤول فتح على إجابات قاطعة، وترك الأمر لأن يعود أبو مرزوق إلى قيادة حماس، ويجري معها مشاورات في قطر وفي غزة، على أن يعود للأحمد بإجابات واضحة، لشروع الطرفين بإجراء مباحثات مكثفة تفضي للتشكيل الجديد.
وبعد عدة أيام من عودة الرجلين، الاحمد إلى رام الله، وأبو مرزوق إلى قطر، لم تحدث أي اتصالات بين الجانبين، ولم يبلغ أبو مرزوق حركة فتح برد من حركته حماس حول التعديل الوزاري، الذي أبلغ بتصور حركة فتح حوله.
هذا الأمر هو ما دفع الأحمد قبل يومين إلى الإعلان أن فتح ستتخذ موقفاً، إن لم تتلق ردود واضحة من قبل حماس، التي وصلها موقف فتح عبر أبو مرزوق.
الأحمد أيضا قال في تصريحاته ان حركته لن تسمح باستمرار الوضع كما هو، والمتمثل بعدو قدرة حكومة الوفاق على أداء عملها في غزة.
حركة حماس التي على ما يبدو استشعرت بخطر قيام حركة فتح والرئاسة بإجراء التعديل دون مشاورتها، رفضت التهديدات التي أطلقها الاحمد، وشنت هجوم على الحكومة، واعتبرت أن أي موقف سيتم اتخاذه من فتح سيصنف على أنه من القرارات الهوجاء.
وتلا ذلك أن أعلن رئيس كتلة حماس البرلمانية محمد فرج الغول أن أي تعديلات على الحكومة دون عملية توافق ستكون باطلة وخارجة عن القانون.