إسرائيل تهدف إلى تعذيب الأسرى الفلسطينيين

20170805071246.jpg
حجم الخط

ليس بعيداً عن بيوتنا، يعاني مئات الاشخاص من الجوع، آلاف الاشخاص لا تغمض عيونهم في الليل من شدة القلق على أبنائهم الجوعى، ولا يعرفون أي شيء عن صحتهم، لا يُسمح لأحد بزيارة الجوعى. ومنذ 21 يوماً لم يدخل الطعام الى أفواههم باستثناء الماء والملح. مديرية مصلحة السجون تقوم بتعذيبهم. ففي البداية قامت بمصادرة الملح، وبعد ذلك عزلتهم، وفرضت عليهم الغرامات، وشددت سياستها المتشددة أصلا. لا تتحدث وسائل الاعلام الاسرائيلية تقريبا عن إضرابهم. فهي تعرف ما الذي يريده مستهلكو الإعلام: معظم الاسرائيليين لا يهمهم الاضراب، وقليلون فقط مسرورون به، فليمت المضربون.
قريبا سيحاولون تغذية المضربين قسرياً. وإذا استجاب جميع اطباء اسرائيل الى السياسة الشجاعة والاخلاقية لهستدروت الاطباء، وهذا أمر مشكوك فيه لأن هناك أطباء في مصلحة السجون و»الشاباك»، فعندها لن يكون هناك من يقومون بالتغذية القسرية للجوعى الذين لا حول ولا قوة لهم. تهدد اسرائيل باحضار أطباء من الهند من اجل تنفيذ هذه المهمة. ويمكن ايضا أنها ستقوم بعد ذلك باحضار أطباء من الشيشان، من اجل اطلاق النار على الجوعى وقتلهم، اذا لم يقم بذلك السجانون الاسرائيليون. جلعاد أردان، وزير الامن الداخلي، يعنى بكل ذلك، وهو ليس شخصا سيئا، لكنه يعرف أن الاعتداء على الاسرى، مثل أي اعتداء على الفلسطينيين، سيساعده في الانتخابات التمهيدية، وبسبب ذلك يتعامل بهذه الصورة، بل بشكل أسوأ من الآخرين.
الوضع السيئ هو الأمر الوحيد الذي يحرك الرد الإسرائيلي على إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام. وما دون ذلك هو مجرد ذرائع أمنية وسياسية فارغة المضمون، تهدف فقط الى التغطية على الوضع السيئ. فلماذا يتم منع الأسرى من التقاط الصور مع أبناء عائلاتهم؟ ولماذا يمنعون من ربع ساعة اضافية على الزيارة؟ إن عدم التفاوض مع قادة المضربين أمر سيئ. والانتظار الى حين فقدانهم الوعي أمر سيئ. والتفاوض معهم بعد فقدان أرواحهم أمر سيئ. والاستجابة الى بعض مطالبهم بعد أن يقترب البعض منهم من الموت أمر سيئ. وفوق كل ذلك عدم الاستجابة لمطالبهم العادلة (كلها مطالب عادلة) سيئ، ويعتبر قسوة قلب لا مثيل لها.
الامور بسيطة، أسود – أبيض. الأسرى يطالبون باعادة الظروف كما كانت عليه قبل بضع سنوات. وفي حينه ايضا لم تكن الظروف رائعة، لكن اسرائيل بحكومتها الحالية تريد التعذيب والاعتداء والقهر. وفي وسائل الاعلام الاسرائيلية لا توجد أي كلمة حقيقية واحدة عن ظروف حياة الاسرى الفلسطينيين، باستثناء وصف الكذب حول «الفيلا» و»الحفلات». وايضا لن تجدوا أي كلمة تدل على أنهم في معظمهم أسرى سياسيون. جميعهم «مخربون»، ولهذا فان حكمهم واحد.
ليست هويتهم فقط، بل مطالبهم أيضا يتم التشويش عليها بشيطانية: من يعرف أصلا ماذا يطلبون؟ القضاء على دولة اسرائيل، هل هذا هو ما يريدونه. الصحيح هو أنه لا يوجد أي طلب سياسي بين مطالبهم. ولا يوجد أي طلب مبالغ فيه. إلا اذا كانت اقامة مراحيض مناسبة لعائلات الاسرى الذين ينتظرون لساعات طويلة في الخارج أمرا مبالغا فيه عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين.
الطرفان ينتظران رؤية أي طرف سيتعب أولا، ومن لديه القدرة الأكبر. وحتى ذلك الحين فان المضربين عن الطعام سيعانون حتى الموت تقريبا، ويوجد بينهم شباب وشيوخ، معافون ومرضى. وجميعهم يعتبرون أن نضالهم هو نضال عادل، وهم مستعدون للتضحية بحياتهم. إن من حق الاسرائيلي أيضا أن يحترم ذلك.
النهاية لن تقوم بوضعها مصلحة السجون، بل «الشاباك»، وهو الجهاز الشيطاني المسؤول في اسرائيل عن كل ما يحدث بالعربية. وما سيتم التوصل اليه في نهاية الاضراب كان يمكن التوصل اليه في اليوم الثاني للاضراب، لكن سيكون حينها معاناة أقل «للمخربين»، وهذا بالطبع سيئ لليهود. لذلك، في البدء يجب العقاب والعزل والتغذية القسرية واستيراد الاطباء، وبعد ذلك فقط نقوم بمنحهم ربع ساعة اضافية على زيارة العائلة، أو وضع مكيف في سجن نفحه.
  لماذا ليس الآن؟
عن «هآرتس»