في نهاية المطاف التاريخ هو الذي سيحاكم. من الذي سيذكره التاريخ؟ جلعاد اردان أم مروان البرغوثي؟ صاحب الصفقات من رمات افيف ج الذي يسكن في شارع يسمى على اسم قاتل يهودي أم المحارب من معتقل كيشون؟ السجان أم السجين؟ من يضع الحلوى أم الذي أكل منها؟ الوزير أم «أكبر القتلة»، كما يسميه موشيه نوسباوم؟
من منهما يحارب من أجل موضوع أكثر أحقية؟ من منهما يحارب أصلا من اجل أي شيء؟ ومن منهما ضحى بشيء في حياته؟ ومن هو المسؤول عن سفك الدماء بشكل أكبر؟ ومن هو الذي يسعى إلى السلام بشكل أكبر؟ في النهاية التاريخ سيحاكم. عملياً، لقد حكم منذ زمن. اردان لن يكون حتى علامة هامشية، وهو أيضا المسؤول عن سفك دماء أكثر من خلال عمليات الشرطة وحرس الحدود التي توجد تحت سيطرته، أما البرغوثي فعمل من أجل السلام أكثر منه إلى أن يئس، وبحق.
إنّ شعر اردان أفضل، وبدلته أنيقة أكثر، وهو يلبس ساعة ثمينة ايضا. في المرة الاخيرة التي رأيت فيها البرغوثي كان يلبس ساعة «كاسيو» الرخيصة.
الاثنان درسا العلوم السياسية، ودرس اردان القانون ايضا. وهو بالتأكيد أكثر تعليما. فقد تعلم اردان في معهد ديني والبرغوثي لا. وعمل اردان في اتحاد المقاولين والبرغوثي لا. الاثنان أبوان لاربعة اولاد، اردان يعتبر أبا أكثر انتماء لأولاده، يستطيع أن يراهم. في الوقت الذي درس فيه اردان في المعهد الديني انضم البرغوثي للنضال. وفي الوقت الذي كان فيه اردان ضابطاً في الجيش تم اعتقال البرغوثي للمرة الاولى.
عندما عارض اردان اتفاق اوسلو كان البرغوثي يطرق الابواب في اسرائيل ويحاول الاقناع بأهمية السلام.
«رجل العقد في الصراع ضد حوادث الطرق» (حسب جمعية «ضوء أخضر») كان أردان، لكن رجل العقد في النضال الحقيقي كان البرغوثي.
لم يسبق لأردان أن قاتل في حياته من أجل شيء باستثناء مكانه في قائمة الكنيست. وهو عضو في خمس دورات للكنيست، ووزير في ثلاث حكومات، ولم يضحِّ بأي شيء على مذبح فكرة. وقد تراجع كثيرا وتنازل خشية من بنيامين نتنياهو.
لا يوجد شخص مثل اردان سيدفع ثمنا شخصيا من اجل أي شيء. البرغوثي ضحى بحياته وبعائلته وبمصيره من اجل فكرة ليس هناك أسمى منها.
البرغوثي مقاتل من اجل الحرية، أما أردان فهو مقاتل من اجل الانتخابات التمهيدية.
في هذه الاثناء يضرب البرغوثي عن الطعام، وقد نصب له أردان شركاً. يجب علينا أن نؤدي التحية لاردان ومصلحة السجون. هم لا يخجلون، ليس لهم ولو القليل من الخجل. قوموا بالتصوير أيها السجانون، أنتم الابطال على الضعفاء، قوموا بتصوير المراحيض، وقوموا ببث الافلام في وسائل الاعلام. وضعوا أفخاخ الفئران وقوموا بنشر ما قمتم باصطياده. أنتم كثر. وفي مراكز «الليكود» سيحبون ذلك، أردان ضد البرغوثي. «لا أستطيع تفصيل من أدخل ماذا. وعندما استقيل سأتمكن من التحدث»، هذا ما قاله الوزير عن الحلوى. جون لا كارا الاسرائيلي امتدح ايضا «العمل الاستخباري» لمصلحة السجون. لا يوجد ما هو أدنى مستوى من هذا العمل الاستخباري. المسؤول عن الشرطة، التي تعرض أمام اطفال رمات هشارون كيفية قتل المصاب وكيفية الاعتداء على الناس، يتفاخر ببطولة مصلحة السجون في عملية الحلوى.
النتيجة 1: صفر لصالح أردان. لقد انتصر كبير السجانين على كبير «المخربين». البرغوثي أكل قطعة البسكويت، وتم حسم المعركة. البرغوثي غير مضرب عن الطعام، أكل لقمة.
البرغوثي ضحى بشكل أكبر مما ضحى أردان طوال حياته من أجل شيء ما. وفي يوم من ايام الاضراب عن الطعام يقاتل البرغوثي من اجل شأن عادل، أكثر من أي شأن خطر ببال اردان ذات يوم، بما في ذلك صراعه ضد حوادث الطرق.
قوموا بتأدية التحية لاردان، بطل اللحظة. أما التاريخ فسيعترف بالبرغوثي.
عن «هآرتس»