إضراب الأسرى يقلق أعداء و"رفاق" مروان

9999471769.jpg
حجم الخط

دخلت حياة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام مرحلة الخطر بعد مضي أكثر من شهر على إضرابهم عن الطعام، حيث تبدأ أجسادهم بالخمول، خاصة أن الاحتلال سلبهم الملح الضروري في الإضراب. ويشارك في الإضراب قرابة 1800.

ورغم أن القيادة الفلسطينية تتحفّظ على الإضراب وتوقيته، إلا أنها تحاول حل الأزمة سواء بممارسة ضغوط على الاحتلال من قبل أطراف دولية أو الاتصال المباشر مع الاحتلال خشية تردي الأوضاع، لأن وفاة أسير تعني اندلاع موجة عنف انتقامية، وهو ما تحاول السلطة تفاديه، بينما ترحب "إسرائيل" بأي موجة عنف في هذا الوقت للتغطية على عدم رغبتها في الدفع باتجاه المفاوضات التي يبشر بها الرئيس الأمريكي ترامب.

ومن المفارقات الغريبة أنه بينما يخوض الأسرى إضرابهم لتحسين ظروف اعتقالهم والكف عن القمع ووقف معاملة ذويهم بطريقة فيها امتهان للكرامة أثناء الزيارة، نجد رئيس الوزراء الإسرائيلي يطالب عن طريق الولايات المتحدة بوقف مخصصات عائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين، وهي سابقة تضر بعشرات الآلاف من المستفيدين من ذوي الأسرى والجرحى والشهداء على مر تاريخ الثورة الفلسطينية.

الإضراب ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج مشاورات منذ العام الماضي، خاصة بين النواة الصلبة للأسرى من كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لفتح في الانتفاضة من ذوي الأحكام العالية المؤبدة، وعددهم قرابة 500 أسير، والذين تعاهدوا مع مروان البرغوثي وأقسموا على خوض المعركة حتى الرمق الأخير، وأن أي مفاوضات مع الأسرى يجب أن تتم مع قائدهم، وأي مفاوضات أخرى تعتبر بلا قيمة.

وقد أبلغت إسرائيل مسؤولين فلسطينيين التقوا بمسؤولين أمنيين إسرائيليين لحل الأزمة، أن لا تفاوض مع الأسرى إلا بعد فك الإضراب، و"لا تفاوض مع كبير الإرهابيين مروان"، على حد وصف إسرائيل له.

وكان مروان تعرّض للسجن الانفرادي 19 مرة منها ألف يوم بعد أسره، وكان يتعرّض لأكثر من ست عمليات تفتيش يومياً إذا كان مع غيره، وأربع عمليات تفتيش إذا كان منفرداً، وفي زنزانته حالياً يتم إخراجه أربع مرات يومياً للتفتيش، ويعود ليجد الاحتلال قد وضع أطعمة في كل المكان لكسر إرادته.

وسبق لمروان أن ذكر في كتابه "ألف يوم في زنزانة"، كيف أن الاحتلال قام بتلفيق فيديو عنه وهو يتناول الطعام سنة 2004 مع العلم أن زنازين العزل مراقبة بالكاميرا، ومع ذلك ظل على إضرابه ذاك بعد انتهاء الإضراب بثلاثة أيام، لأنه لم يسمع في عزلته عن انتهائه، وأبلغ زوجته في آخر زيارة قبل الإضراب الحالي أنه يتوقّع كل شيء من تلفيق مقاطع فيديو وإشاعات، لكنه مصمم على تحقيق مطالب الأسرى حتى الرمق الأخير، وأعلن عبر محاميه أن الأسرى سيضربون عن الماء قريباً.

وحدث ما توقّعه "أبو القسام" من حيث بث فيديو ملفق عنه، وبث إشاعات مغرضة من قبل الاحتلال، ومع الأسف تبنى بعض خصومه الخارجيين في فتح هذه الإشاعات وبثّوها في السجون عن طريق عناصرهم غير المشاركين في الإضراب، رغم أن زنزانته تختلف عما ظهر في الفيديو، وربما تمت الاستعانة بممثل إسرائيلي يشبهه، إذ إن "أبو القسام" بات خصماً لكثير من رفاقه الذين يخشون من حريته. ولكن السؤال الآن هو أن مطالبه الحالية هي تحسين ظروف الاعتقال لكل الأسرى، وفق ميثاق جنيف ولا يتطلع للحرية حتى ينافسهم على مناصبهم!

"أبو القسام" ونواته الصلبة من الأسرى لن يهنوا ولن يفكوا إضرابهم لأنها معركة لها ما بعدها، وهو كما وصفه محاميه "نحيل جداً لا يتجاوز وزنه 53 كيلوغراماً، بعد أن فقد 13 كيلوغراماً، ويعاني الضغط والسكري"، ويتلذذ وزير الأمن الإسرائيلي أردان بتعذيب الأسرى، فهو من كبار المتطرفين من «حزب البيت اليهودي» برئاسة نفتالي بينيت، والأخير متهم بقتل 14 مدنياً لبنانياً في حرب لبنان بدم بارد.

فالوزير أردان، كما يتمنى وأمثاله يؤيد قتل الأسرى وليس التفاوض معهم. وخرج مسؤولو أمن فلسطينيون بهذا الاستنتاج بعد لقاء عقدوه مع نظرائهم الإسرائيليين لإيجاد مخرج، لكن يبدو أن حكومة الاحتلال تريد الاستمرار في تعذيب الأسرى حتى النهاية، وهي هنا كمن يتمنى اشتعال الوضع مجدداً، ويبدو أن تعنتهم لتلبية مطالب إنسانية عادية للأسرى مقصود سياسياً، كون أي انفجار للوضع مع توالي الاشتباكات اليومية وسقوط شهداء، سيجعل الاحتلال يندم، لأنه سيدفع الثمن لاحقاً.

*الخليج الاماراتية