عالم من الفوضى المعممة والاختناق الكامل يقدمه الاخوان طرزان وعرب ناصر في فيلم «ديغراديه» الذي تدور أحداثه في صالون نسائي في قطاع غزة وبطلاته 12 امرأة من رواد المركز الذي تملكه امرأة روسية متزوجة من فلسطيني.
وقدم الفيلم مساء أول من أمس في تظاهرة «أسبوع النقاد» حيث لاقى تصفيقا من الحاضرين، وهو يتسابق على جائزة الكاميرا الذهبية التي تكافئ العمل الاول للمخرج، وهذا العمل من اخراج الاخوين التوأمين الشابين طرزان وعرب ناصر ومن انتاج فلسطيني - فرنسي - لبناني مشترك.
وقال طرزان عرب لوكالة فرانس برس بعد عرض الفيلم الذي صور في العاصمة الاردنية عمان وتدور مجمل أحداثه في داخل الصالون ما يعكس جو الاختناق والحصار الذي يعاني منه الناس في غزة: «الناس خارج غزة لا يعرفون نكهة الحياة في هذا المكان. أردنا الذهاب نحو الواقع في معالجتنا للقصة».
وبينما كان الأخوان ناصر يستعدان لتصوير قصتهما، اندلعت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة صيف العام 2014 ما دفع بكثيرين إلى الطلب منهما معالجة الحرب في فيلمهما.
وفي هذا الموضوع صرح عرب ناصر «نحن اخترنا الكلام عن الحياة. صالون التجميل هو رمز للمكان المقفل واخترنا أن نحكي غزة بلسان اثنتي عشرة امرأة كل واحدة منهن تعكس نوعية مختلفة من النساء وتملك وجهة نظر بخصوص ما تعيشه».
وخضع السيناريو لجملة تعديلات، ومنطلقه قصة واقعية حدثت العام 2007 حين عمدت احدى العائلات في غزة إلى سرقة اسد من حديقة الحيوانات لتعلن تمردها على حركة حماس التي تدير القطاع فتنشب اشتباكات بين افراد العائلة المسلحة وشرطة حماس ما يجعل النساء سجينات الصالون طيلة فترة الاشتباك.
في الصالون تجلس الحماة والعروس ومعهما كل خلافاتهما، المتدينة والمطلقة، المتحررة والعاشقة التي تفقد حبيبها، وهناك صفية الثرثارة التي لا تكف عن الحديث عن الآخرين لكن زوجها يشبعها ضربا، وثمة ايضا البورجوازية المتعالية والمرأة الحامل على وشك الولادة.
واشار طرزان إلى ان اختيار صالون نسائي كمركز الاحداث في الفيلم، وهو مكان عادة ما يتركز الحديث في داخله عن الجمال والموضة، «يتناقض تماما مع ما يحدث في الخارج من اشتباكات بين الفصائل الفلسطينية».
ويحاول الفيلم في صيغته الواقعية أن يصنع نوعا من كوميديا سوداء ساخرة تتناول هذا الواقع الفلسطيني من خلال حكايات النساء ضمن قالب فيه الكثير من العبثية.
كذلك اعتبر طرزان ناصر أن « السخرية كانت اقرب طريق لنا لنتكلم عن الواقع الفلسطيني المعقد، والفيلم تدور أحداثه في منطقة الشجاعية التي مسحت تماما في الحرب الأخيرة في غزة».
وحول هذه النقطة تحديدا أضاف عرب: «اخترنا أن نتكلم عن منطقة شعبية ونعالج كيفية حب شاب واقع في المشاكل والمخدرات لصبية في الحي. إنها الحياة الطبيعية لأناس يعيشون في مكان صغير جدا ومحاصر».
معظم الممثلات في فيلم «ديغراديه» من غير المحترفات، وقد أدى بعضهن ادوارا للتلفزيون والسينما من بينهن منال عوض وهدى الامام التي تشارك في فيلم «آفي ماريا» القصير المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان ضمن فئة الافلام القصيرة.
وقد كلف انتاج هذا الفيلم مبلغ 700 الف يورو (حوالى 800 الف دولار)، بحسب المنتج الفلسطيني رشيد عبد الحميد الذي يملك مع الاخوين المخرجين شركة انتاج خاصة.
وفيلم «ديغراديه» هو الأول الذي ينتج ضمن اتفاق الشراكة الذي وقع بين المركز السينمائي الفرنسي والسلطة الفلسطينية.
وكان الأخوان ناصر قدما قبل عامين في مهرجان كان فيلمهما «كوندوم ليد» ضمن مسابقة الفيلم القصير الرسمية.