تشهد مدينة تطاوين، في أقصى جنوب شرق تونس حالة من الاحتقان الشديد بعد أن حاول محتجون اقتحام مقرّ المحافظة، رافعين شعار "ارحل" في وجه المحافظ الجديد محمد علي البرهومي، الذي تم تعيينه بعد زيارة رئيس الحكومة يوسف الشاهد للمدينة.
وتناقلت مصادر محلية في تطاوين أنباء عن وفاة أحد المحتجين متأثراً بكدمات في رأسه وصدره، وإصابة عدد آخر بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، إصابة أحدهم خطيرة.
ونقلت إذاعة "تطاوين" المحلية، اليوم الإثنين، أنّ المحتجين أضرموا النار في مقر إقليم الأمن الوطني والحرس الإداري في المدينة، فيما أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأوردت الإذاعة أنّ قوات الحرس الوطني تواصل استخدام الغاز المسيل للدموع، للتصدّي لمحاولة محتجين اختراق محطة لضخ البترول بـ"الكامور"، بينما قام عدد من الشبان بإغلاق الطرقات وإشعال العجلات المطاطية.
وطالب المحتجون برحيل البرهومي، تنديداً باستعمال الغاز المسيل للدموع، واحتجاجاً على إرسال السلطات تعزيزات أمنية إلى المدنية، أمس الأحد.
وتشهد تطاوين احتجاجات مطلبيّة، منذ أسابيع، تطالب بإصلاحات اجتماعية واقتصادية، لإنهاء ما يصفه المتظاهرون بـ"حالة التهميش" في المدينة.
في غضون ذلك، دعا البرهومي إلى "ضبط النفس وسلمية الاحتجاحات"، مؤكداً، في تصريح لإذاعة "تطاوين"، اليوم الإثنين، أنّ التعاطي الأمني والعسكري "سيكون في كنف السلمية طالما حافظت الاحتجاجات على السلمية"، مشيراً إلى أنّ التظاهر يبقى حقاً دستورياً، ومتعهداً بأنّ قوات الأمن "لن تفض الاعتصامات بالقوة".
وقال البرهومي إنّ "الحكومة تعمل على الإسراع في تفعيل الاتفاقيات الخاصة بتأمين فرص العمل في تطاوين"، معلناً عن اجتماع قريب مع الحكومة للتفاوض مع المحتجين، علماً بأنّ وزير التشغيل والتكوين، عماد الحمامي (حركة النهضة)، هو من يقود التفاوض مع المحتجين، منذ أسابيع.
في المقابل، انتقد عضو البرلمان، زهير المغزاوي، الإجراءات الحكومية لمعالجة المطالب التنموية لأبناء الجهة، باعتماد قوة الأمن والجيش، مضيفا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن البلاد تدفع ثمن سياسة تنموية مختلة تقوم على تمييز جهات دون أخرى، "ما خلق مناخا من الاحتقان والإحساس بالغبن".
وحذّر "الاتحاد العام التونسي للشغل"، في بيان صادر عن المكتب التنفيذي الموسع، من "التصعيد الحاصل في المنطقة النفطية بكلّ من تطاوين وقبلي"، داعياً المعتصمين إلى "عدم الانسياق وراء الدعوات التي تدفع إلى التصادم مع الجيش وإنهاكه وإلى تعطيل الإنتاج".
وفي الوقت عينه، اعتبر الاتحاد أنّ "الحكومة ملزمة بالحضور ميدانيّاً، ومواصلة التحاور مع الشباب وإيجاد الحلول الفعلية والنّاجعة"، محمّلاً المسؤولية لـ"بعض الأطراف التي تسعى إلى توظيف التحرّكات الاجتماعية"، داعياً إلى "النأي بمصلحة تونس عن كلّ التجاذبات والأجندات، والمساهمة الإيجابية في البحث عن الحلول بدل الدفع إلى تعجيز الدّولة ومحاولة إضعافها"، بحسب البيان.
وقال القيادي النقابي، سامي الطاهري، إن الحكومة مدعوة إلى مواصلة التحاور مع الشباب وإيجاد الحلول الفعلية والنّاجعة والتواجد الميداني في المنطقة لتطويق الأوضاع، محذرا من مخاطر "توظيف الحراك السلمي للمحتجين من قبل أطراف تدفع نحو إضعاف الدولة"، وفق تصريحه لـ"العربي الجديد".
إلى ذلك، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان التونسي، عبد اللطيف المكي، لـ"العربي الجديد"، بعد اجتماعها، اليوم، الذي خصص لتطاوين، أنها طرحت مجموعة من الاقتراحات لحلحلة الوضع في الجهة، بعد التطورات السريعة التي وقعت منذ صباح اليوم، والتقت رئيس مجلس النواب، محمد الناصر، وجرى الاتفاق على بحث حلول مع رؤساء الكتل النيابية، اليوم الاثنين.
وأضاف المكي أن اللجنة طرحت فكرة زيارة تطاوين، ولكنها قررت، قبل ذلك، الاستماع لوزيري الدفاع والداخلية، للوقوف على حقيقة الوضع هناك، وتم الاتفاق على عقد هذا الاجتماع عصر اليوم الاثنين في مقر وزارة الدفاع.