لا أحد يريد التورط مع «أبو ايفانكا»!

_93958184_48e0d7b6-37e1-4eb2-99fe-63ab70d26f34.jpg
حجم الخط

يوجد في الشرق الاوسط نوعان من الدول، الدول التي تسمى دول النفط مثل السعودية والكويت، والدول التي تسمى دول الاماكن المقدسة مثل اسرائيل والاردن والسلطة الفلسطينية. وصل رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، الى السعودية لعقد الصفقات، وطلب ايضا القضاء على "الارهاب". ووصل الى منطقتنا من اجل امتداحنا على محاربة "الارهاب"، والطلب من اسرائيل والفلسطينيين صنع السلام.
تقوم وسائل الاعلام العربية بامتداح ترامب. في المجتمع العربي من يحصل على لقب أبو فلان (على اسم ابنه البكر) هو الذي ينجح في كسر الحواجز والوصول الى قلوب مستمعيه. وترامب فعل ذلك. وهو يسمى الآن "أبو ايفانكا"، على اسم ابنته التي تحظى بالتأييد في العالم العربي. التأييد الجزئي أو المؤقت لرئيس القوة العظمى في العالم هو بسبب بدء جولته الاولى خارج الولايات المتحدة بلقاء مع الزعماء العرب والمسلمين، ولأن هذا الجزء من العالم يعتبره مجنونا، الامر الذي يحظى بإعجاب الكثيرين.
كان من المفروض أن يتعلم ترامب من دروس أسلافه. لقد هاجموا اوباما لأنه اختار مصر كي يخاطب العالم العربي منها، فظهر وكأنه يصرخ في الصحراء. وسيهاجمون ترامب لأنه اختار السعودية. ومن الآن، فان زيارة ترامب للسعودية مختلف فيها، وتثير الردود المتناقضة. فمن جهة الزيارة والصفقة التجارية الكبرى التي تم التوقيع عليها ستشجع زعماء عربا ومسلمين آخرين للسير في أعقاب الملك سلمان. ومن جهة أخرى، اختيار العاصمة السعودية كمنبر من أجل المطالبة بالقضاء على "الارهاب" تسبب بالاحراج. يجب علينا عدم نسيان أن الارهابيين الـ 19، الذين نفذوا عمليات الحادي عشر من ايلول، كان معظمهم سعوديين قادهم اسامة بن لادن السعودي. ايضا وكالات التجسس في الولايات المتحدة تشتكي من أن السعودية تقوم بلعب لعبة مزدوجة منذ عقود، حيث تؤيد الغرب في حربه ضد الارهاب، وفي الوقت ذاته تقوم بدعم "القاعدة" ضد الشيعة. السعودية ودول الخليج هي الأماكن الوحيدة في العالم التي تؤيد المنظمات الارهابية من خلال الاموال في البنوك. في قطر والكويت ودول الخليج الاخرى يقدمون التمويل للمنظمات الارهابية كي لا تقوم بتنفيذ العمليات في هذه الدول.
لكن بيل كلينتون وكونداليزا رايس هاجما العالم العربي والاسلامي بسبب التدخل في سياسات دول عربية، والمحاولات الفاشلة لتطبيق الديمقراطية. في العالم الذي في معظمه من السنة، 85 في المئة من أصل مليار ونصف المليار مسلم، كان تفضيل الشيعة على السنة بمثابة رهان لمقامر مبتدئ. وثمن ذلك، كما يزعم المثقفون العرب، هو ألف قتيل كل شهر في العراق، مئات آلاف القتلى في سورية، وملايين اللاجئين في العالم.
سمع ترامب ايضا الدعوات في العالم العربي والغرب التي تشتاق لصدام حسين والقذافي والأسد الأب. والخيار حسب من يشتاقون هو بين السيئ والاسوأ. الاشتياق هو قبل كل شيء الى الاستقرار في الانظمة والامتناع عن الحروب، حتى لو كان الثمن الديكتاتورية. والامر الأهم هو مكان العمل والهدوء. لذلك فان اقوال ترامب بأنه لن يتدخل في شؤون الدول العربية والاسلامية هي بشرى لهذه الانظمة. يستطيع الزعماء العرب فعل ما يريدون شريطة أن يكون هناك هدوء في الخارج. وهذا هو الذي يهم أميركا ترامب فعليا لأنه ينشغل في اضافة اماكن للعمل في ديترويت وكاليفورنيا.
أغلبية الزعماء العرب سيسارعون الى الاعلان عن تأييدهم لمواقف ترامب، لأنه لا أحد يريد التورط مع المجنون. أما التنفيذ الفعلي فهو أمر آخر. وفي هذه الحالة، أبو مازن ومشعل ونصر الله، سينجحون بدون أي مشكلة في جهاز فحص الكذب، لأنه بالنسبة لكثير من القادة في هذا الجزء من العالم فان ما يقوم به من يفجرون العبوات ومن يطلقون غاز الاعصاب ومن يقتلون الأبرياء، هو نضال من اجل الحرية وليس ارهاباً.

عن "إسرائيل اليوم"