إن استخدام الرزنامة السنوية العبرية جعل اسرائيل تقوم باحياء توحيد القدس قبل ذكر يوم نشوب الحرب، التي من خلالها تم توحيد المدينة. قد تكون هذه هي الحالة الوحيدة في تاريخ الانسانية، التي يتدحرج فيها التاريخ الى الوراء في نفق الزمن. لذلك فان موعد فحص القرارات التي أدت الى «شرشف أحمر»، اشارة البدء بالحرب، سيتم مناقشته بعد «الحرم في أيدينا».
قبل اندلاع الحرب بأسبوع أدى عدم الثقة بقيادة ليفي اشكول في حزبه وفي اوساط الائتلاف والمعارضة الى تعيين موشيه ديان وزيرا للدفاع. استيضاح الاحداث منذ تلك اللحظة وحتى بلورة الواقع الذي تشكل بعد الانتصار، ما زال بحاجة الى استكمال بحثي، لكن من الواضح أن وجوده كان دراماتيكيا، سواء في قراراته الحاسمة أو تلك التي تم افشالها من قبل خصومه في البيت. وكان من الملفت سلوكه الغامض في موضوع القتال من اجل «المدينة التي تم توحيدها» قبل خمسين سنة.
كان ديان اسماً مرادفاً لحب البلاد. وقد كتب نتان الترمان تقديرا له «أرض اسرائيل منثورة فوقك مثل الفجر». كان ديان منجذبا اليها بقوة، يمكن أن أعتبرها جنسية، وبيقين للأماكن التي كانت فيها مملكة داود. كيف يمكن فهم تردد ديان في احتلال البلدة القديمة؟
تؤكد بروتوكولات جلسات الحكومة التسريبات التي جرت على مدى السنين، لكن لم يتم ذكر جميع الردود في تلك اللقاءات. وحسب احدى الشهادات، عندما وقف ديان على جبل المشارف ونظر نحو الحرم الذي يقع تحته، تساءل بينه وبين نفسه «ما الحاجة الى هذا الفاتيكان؟». والمفاجئ هو أن وزراء «المفدال»، حاييم موشيه شبيرا ود. زيرح فرهافتيك، كانا شريكين في هذا التساؤل. فقد نظرا الى ذلك بمفاهيم نهاية العالم والتصادم مع «الاحمر»، لقب المسيحية، والاسلام العالمي. ويبدو أن ديان اعتقد ذلك أيضا.
مناحيم بيغن ويغئال ألون لاحظا أن ديان يسير ببطء، وطلبا من اشكول الزام الجيش الاسرائيلي باحتلال البلدة القديمة على الفور. وبعد ذلك اهتم الون بأن يعرف الجمهور أن ديان لم يكن حاسما فيما يتعلق باحتلال المدينة. وقد قال ديان بالطبع إنه سيعمل حسب قرار الحكومة، لكن كانت له صيغته الخاصة «حصار المدينة»، فيقوم الجيش الاردني بالهرب، ويأتي السكان المحليون مع راية الاستسلام، ولن تكون حاجة الى سفك دماء جنود الجيش الاسرائيلي في الأزقة. هذا تفسير آخر، يمكن القول إنه صحيح، لكنه ليس كاملا.
ديان، الذي كان رئيساً للاركان ورجل سياسة، تم إرساله للتفاوض مع الملك عبد الله بعد «حرب التحرير»، في العام 1949، وفهم أن سيطرة اسرائيل على الحرم هي وصفة للتورط الدولي. وسعى الى تحييد السيطرة العربية، لكن ليس الحلول مكانها. أراد اصلاح الاجحاف الذي قام به الاردن، الذي تعهد في اتفاق وقف اطلاق النار بتمكين اليهود من الصلاة قرب «حائط المبكى» الغربي، ولم يف بتعهده. حسب تقديري، أراد ديان حصار المدينة لتقليل عدد الضحايا، وفي المفاوضات مع الملك حسين، حفيد الملك عبد الله، سعى الى اعادة الوضع الى سابق عهده واصلاح الاجحاف من خلال ضمان حرية حركة اليهود نحو «حائط المبكى».
عندما زاد الضغط في الحكومة، وجد ذلك تعبيره في الأمر اليومي القائل إننا عدنا الى أقدس الأماكن بالنسبة لنا من أجل عدم الانفصال عنها إلى الأبد. هل بسيادة أحادية الجانب؟ لن نعرف أبدا. وهو ايضا لم يعبر عن ذلك من خلال الوثائق، لكن يمكن القول إن سياسته تداخلت مع حبه الكبير للبلاد التي كتب عنها «العيش مع التوراة».
عن «إسرائيل اليوم»