الثوار يهددون لأول مرة استقرار نظام الأسد

20151905215316
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل
أدى نجاح تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الأحد الماضي، في احتلال مدينة الرمادي في العراق، التي تقع على مسافة نحو 110 كيلومترات عن العاصمة بغداد إلى عدة توقعات مفزعة بشأن استمرار تقدم التنظيم. ومع ذلك، رغم أهمية المدينة، عاصمة محافظة الأنبار فمن المشكوك فيه أن يكون رفع اعلام التنظيم الجهادي على ما تبقى من مباني الحكومة في الرمادي يعكس بالضرورة أكثر من مجرد انجاز موضعي.
يخيل أن المعارك الاكثر دراماتيكية تجري الآن بالذات في سورية: تمارس منظمات الثوار السنية ضغطا على نظام بشار الاسد في العاصمة دمشق، القتال في جبال القلمون الواقعة على الحدود السورية – اللبنانية، وبالاساس تقدم قوات المعارضة نحو الجيب العلوي في شمال سورية.
نجاح "الدولة الإسلامية" في الرمادي يمكن ان يعزى لذات الاسباب التي من أجلها حظي التنظيم بسلسلة انتصارات مهمة في الصيف الماضي: استغلال ميزة المفاجأة مقابل القتال غير المنظم الذي أظهره الجيش العراقي والميليشيات الشيعية، قدرة حراك عالية، واستعداد استثنائي للتضحية برجاله في خطوات خطيرة بهدف مراكمة ذخائر برية.  
حكومة العراق، رغم الإسناد الذي منحته اياها الولايات المتحدة مع القصف الجوي، لم تتمكن من تحقيق الهجوم المضاد الذي أعلنت عنه في محافظة الانبار، وتراجعت، هذا الاسبوع، باقي وحداتها من عاصمة المحافظة. غير أنه كما سبق أن تبين على مدى السنة الاخيرة، يصطدم الجهاديون غير مرة بالمصاعب في الاحتفاظ بالذخائر بعد أن تكون انتقلت الى سيطرتهم. ثمة فارق بين الهجوم لاحتلال الهدف وبين الاحتفاظ به على مدى الزمن.
يسأل ضباط أميركيون كبار بين الحين والآخر عن نجاح المعركة التي تديرها الولايات المتحدة بمساعدة دول عربية ضد "الدولة الاسلامية" في العراق، وفي سورية يحافظون منذ زمن على التفاؤل الحذر. وعلى حد قولهم، فإن الجهد الحربي ضد التنظيم يحقق نجاحا في احتواء خطواته الهجومية، بل احيانا في قضم بعض الاراضي الاقليمية التي تحت سيطرته، وفي المس المنهاجي بكبار مسؤوليه، وبسد بعض قنوات ضخ الاموال اليه. وحسب صورة الوضع، كما يفهمها أولئك الأميركيون، فإن الزخم الهائل الذي تمتع به التنظيم على مدى السنة الماضية توقف، ومدى تأثيره الحقيقي قل بالتدريج مع الزمن.
ولكن المعركة ضد "الدولة الاسلامية" هي فقط واحدة من جملة النزاعات الجارية في سورية، وعلى رأسها الجهود غير المنسقة جدا لاسقاط النظام. هنا، استمرارا لما سبق أن كتب في الاسابيع الاخيرة، تلوح مصاعب متزايدة لدى الاسد. المصاعب كبيرة لدرجة أن جهاز الأمن في اسرائيل لم يعد يستبعد امكانية أن يضطر الرئيس – في ضوء الهجمات المتواترة من الثوار الذين يقصفون قصره – الى أن يهجر في النهاية العاصمة، ويركز على الدفاع عن المنطقة العلوية في شمال الدولة، حول مدينتي اللاذقية وطرطوس على شاطئ البحر المتوسط.
غير أنه بالذات هناك، على مقربة من اللاذقية، ستقع قريبا معركة حرجة للنظام. ففي الشهرين الاخيرين حقق الثوار نجاحات عديدة في شمال سورية، وواصلوا التقدم العنيد غربا: من حلب الى إدلب، من هناك الى جسر الشاغور ولاحقا الى سلسلة جبال النبي يونس التي يمكن منها قصف اللاذقية الواقعة في قلب المنطقة العلوية.
هناك، كما يبدو، سيركز الثوار جهودهم في الفترة القريبة القادمة، وبناء على ذلك سيسرعون تعزيز القوات في المنطقة من أجل السيطرة على مزيد من المناطق. ويضع الضغط المزدوج، في المنطقة العلوية وفي دمشق، لاول مرة منذ زمن بعيد تهديدا على استقرار نظام الاسد، الذي بدا قبل ذلك كأنه يتكيف مع مصاعب المعركة وينجح في صد هجمات الخصوم.
قسم كبير من اهتمام وسائل الاعلام العربية والاجنبية لا يزال يتركز على معركة اخرى، في جبال القلمون. هناك، يحاول الجيش السوري و"حزب الله" إعادة تثبيت السيطرة في الممر الذي تضخ عبره وسائل القتال وقوات التعزيز بين سورية ولبنان. فقد أعلن "حزب الله" بصوت عال عن انجازات في المعركة، ولكنه عمليا استولى على مناطق مفتوحة اختار الثوار السنة الانسحاب منها. بل ان رجاله أجروا، الاسبوع الماضي، جولة للصحافيين الغربيين في المواقع التي تم الاستيلاء عليها، ولكنهم لم ينجحوا في إقناع ضيوفهم بأنهم حققوا هناك انجازات حقيقية.
كقاعدة، فإن النجاحات العسكرية للنظام في الاشهر الاخيرة طفيفة للغاية. ففي كانون الثاني من هذا العام، اعلن الأسد، بتشجيع ايراني عن هجوم يستهدف استعادة سيطرته على طول اجزاء من الحدود مع اسرائيل في هضبة الجولان. ولم تعط الخطوة شيئاً. وأظهرت قوات الجيش السوري دافعية متدنية وقوات "حزب الله"، التي عملت الى جانبها، لم تتمكن من دحر الثوار من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم قبل أن يتم استدعاؤهم الى مدينة حلب، حيث احتاجهم الأسد.
في الاسابيع الاخيرة بالذات دارت معارك في الجولان السوري، ولكن هذا كان قتالا بين الثوار وبين أنفسهم. اثنتان من الميليشيات هما جبهة النصرة المتطرفة والجيش السوري الحر الأكثر اعتدالا، أعلنتا حربا على فصيلين محليين أعلنا الولاء لتنظيم "الدولة الاسلامية"، ويسيطران على قريتين، واحدة في جنوب الجولان واخرى قرب القنيطرة. في المكانين دارت اشتباكات شديدة، في نهايتها استسلم مقاتلو الفصيلين على ما يبدو.