"عدو عدوى صديقى"، هذا هو منهج الأمير الصغير «تميم بن حمد آل ثان»، أمير قطر، الذى خرج من «قمة الرياض» غاضبا مرتبكا، يشعر بأن مظلة دول الخليج قد سقطت عنه، وأن الإدارة الأمريكية فى عهد «ترامب» قد تغير موقفها، الذى كان داعما لـ«الإخوان» فى عهد «أوباما»، وأن دوره فى تخريب الدول العربية بدعم الإرهاب وتوفير الملاذات الآمنة له وتمويله قد انكشف وأصبح مرفوضا من الكل.. فقرر ابتزاز العالم أجمع بتصريحات سخيفة تؤكد فى مجملها زوال شمس إمارته.
ليس صحيحا أن وكالة الأنباء الرسمية القطرية تعرضت للاختراق، بل إن الأنظمة العربية هى التى اخترقتها «قطر»، ونشرت مؤامرات إسقاط الدول من الداخل بأذرعها الإعلامية «الجزيرة وأخواتها»، وزرعت فيها التنظيمات الإرهابية بقوة المال والرشاوى، وسعت بكل السبل لأن تتسيّد العالم العربى، وتكون اليد الطولى لأمريكا فى المنطقة.
الآن يبتز «تميم» أمريكا قائلا إن (قاعدة «العديد» حصانة لعلاقاتها مع واشنطن)، وكأن الأمير الصغير لا يعرف أن البدائل كثيرة أمام أمريكا، لكنه سقط فى بئر الأوهام.. ثم قال «تميم» إن قاعدة العديد حصانة لقطر مما اعتبره «أطماع الدول المجاورة»، فقد صور له خياله المريض أن «دولة جارة» ستشن الحرب على إمارته، متناسيا أن جيرانه تربطهم معه اتفاقات تعاون عسكرى خليجى.. وأن دويلته أول مَن تتقن حروب «الجيل الرابع» وتمارسها بفضائياتها الشرسة ضد الدول العربية بعد أن انتهت الحروب التقليدية!
كان من الصعب أن يبتلع الأمير المدلل- الممتلئ بقوة «الغاز»- مهانة المعاملة الفاتِرة فى الرياض، أو أن يتقبل فكرة انتهاء دوره المشبوه فى المنطقة، فخرج يعلن للجميع انحيازه لإيران، باعتبارها ذات ثقل إقليمى وإسلامى لا يمكن تجاهله، داعيا إلى عدم التصعيد معها، متجاهلا الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران فى اليمن، وهى ميليشيات لها شقيقات فى العراق وسوريا والبحرين وفلسطين ولبنان!
الآن يغازل «تميم» إسرائيل، مُذكِّرا أمريكا بأنه رجلها فى المنطقة، ويعلن أن «حماس» هى «الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى»، فى انقلاب على الإجماع الفلسطينى والعربى والعالمى، فقط لأنه يعتبر «حماس» شوكة فى ظهر مصر، وأنها تهدد حدودنا وتنشر الفوضى داخل أراضينا.
ثم أجرى وزير خارجيته، «محمد عبدالرحمن آل ثان»، اتصالاً هاتفياً مع «صائب عريقات»، لينفى له تصريحات الأمير الصغير.. حرصا منهم على استمرار دورهم فى اللعب بالفصائل الفلسطينية وتمويلها، طمعا فى انتزاع الدور المصرى فى عملية السلام.
وحين أحس فتى الدوحة المدلل أن عصبيته ورّطته فى تصريحات أكبر من حجم «قطر» كلها، قرر بهستيريا سحب سفراء دويلته من السعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات، وطلب مغادرة سفراء هذه الدول خلال 24 ساعة من قطر.. ثم أدرك حمق قراره، فعاد ليُكذِّب الخبر مرة أخرى.. لأنه أحس بأنه يفرض العزلة على دويلة قررت أن تتسيّد العرب، ثم انكشفت للجميع فى حجم «قزم» تسلل إلى «جامعة الدول العربية»!
لقد ورث «تميم» مع الحكم «عقدة النقص»، التى تحكم علاقته بمصر ودول الخليج، وسعى لتركيع العرب بالإرهاب، وتَمَلّكه جنون السلطة، لكن أوهامه وأحلامه بزعامة العرب انتهت به إلى منصب «أمير الجماعات الإرهابية».
لا تشفع للأمير المدلل حداثة سنه لنقول: (عيِّل وغلط)، ولا ما يتردد عن وجود خلافات داخل الأسرة الحاكمة لقطر، ولا الرغبة فى التشويش السياسى على «قمة الرياض».. فهذا سلوك أرعن لا يصدر عن مسؤول سياسى يستعبد شعبه ويعامل الوافدين إليه بمنطق السُّخرة.
لقد حجبت مصر والسعودية والإمارات والبحرين مواقع قناة «الجزيرة» والصحف القطرية ومواقع أخرى إخوانية، ردا على تصريحات «تميم»، لكن هذا الإجراء ليس كافيا، لابد من ردع العقلية الشاذة التى يتعامل بها «تميم» مع القضايا الإقليمية، وأن يكون الثمن الوحيد لهجومه على صفقة الأسلحة السعودية- الأمريكية والتودد إلى إيران وإسرائيل هو تجميد عضوية قطر بجامعة الدول العربية، واتخاذ المجتمع الدولى موقفا حاسما ضد دويلة قطر، بسبب جرائمها فى دعم وتمويل الإرهاب، وحصارها وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وذلك لاستخدامها سلاحى المال والإعلام فى تفكيك الدول العربية.. وهذا لن يتحقق إلا بقرار يتبناه «مجلس التعاون الخليجى».
الصمت على ممارسات أمير قطر أصبح نوعا من الخيانة والتواطؤ مع الرجل الذى تلطخت يده بدماء العرب، ودعم القاعدة وطالبان وداعش وباقى التنظيمات الإرهابية، ليفرض سطوته ونفوذه على العرب بـ«الميليشيات الإرهابية» مثل أى قرصان أعمى يُغِير كل يوم على دولة «كانت شقيقة».
أوقفوا عبث فتى الدوحة، وانزعوا من يده الخنجر المسموم، فسياسة «تبويس اللحى» لم تجلب علينا إلا مشهد الخيانة المتكرر فى التاريخ العربى.
عن المصري اليوم