فش إشي ببلاش" (لا شيء مجانا) هذه الكلمات الثلاث غرد بها جميل عبد النبي أحد القيادات المحلية لحركة الجهاد الإسلامي في شمال قطاع غزة عبر صفحته على الفيس بوك، بتاريخ الخامس عشر من مايو/ أيار الجاري، تتوارى خلفها الكثير من الخفايا والأسرار في العلاقة بين الجهاد وطهران.
تلك الكلمات رد عليها خضر محجز وهو قيادي كبير سابق في حماس وكتب يقول: "تلك الجملة حقيقة صارخة يحاول بعض الأصدقاء في التنظيمات أن يقنعوك بغيرها".
هذه المقدمة من النقاش العلني هي جزء من الضجيج الذي تشهده شبكات التواصل الاجتماعي بين عناصر من الحركتين حول واقعهما في ظل الحديث عن أزمة مالية خانقة تشهدها حركة الجهاد الإسلامي للشهر الرابع على التوالي مقارنةً بحماس التي تشهدها ازمة مماثلة منذ أكثر من عامين وتضاعفت في الأشهر الستة الأخيرة حتى طالت عمق المؤسسات الحركية وموازنتها ورواتب موظفيها وليس فقط الموظفين الحكوميين للحركة.
في الكواليس والأسرار والخفايا، تكشف مصادر مختلفة من داخل وخارج فلسطين عن أن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح قد غادر طهران بشكل مفاجئ، متوجها الى بيروت التي تقيم فيها قيادات من الحركة بينهم نائبه زياد النخالة الذي كان يتنقل ما بين العاصمتين وقيادات أخرى.
وتشير المصادر إلى أنه منذ عودة شلح إلى بيروت، توجه لطهران مجددا مرتين قبل أن يعود الى العاصمة اللبنانية وسط اتصالات ومحاولات من حزب الله للحد من الأزمة التي نشبت بين الحركة وإيران.
وحسب تلك المصادر فإن طهران أوقفت الدعم المالي للحركة التي تمر بأزمة مالية خانقة ولم تصرف رواتب ومخصصات عناصرها للشهر الرابع على التوالي.
مبينةً أن الخلافات تعود بالأساس لطلب إيراني من الجهاد بإصدار بيان واضح بشأن الأزمة في اليمن تدعم من خلاله الحوثيين وترفض الهجوم السعودي – الخليجي وهو ما رفضته حركة الجهاد وأكدت على مواقفها بالتزام الحياد.
وتلتزم حركة الجهاد الإسلامي بالوقوف إلى جانب محور طهران- دمشق- حزب الله، حتى في ظل الأزمة السورية التي دفعت بحماس للانسحاب من هذا المحور ما شكل أزمة كبيرة في العلاقات بين حماس وطهران ودمشق وحزب الله وسط محاولات جديدة منذ الحرب الأخيرة على غزة لتجديد العلاقات.
وتتحدث المصادر عن أن حركة الجهاد الإسلامي باتت تبحث عن بدائل للدعم الايراني منها الدعم الذاتي كبعض المشاريع التي تشرف عليها في غزة ومن جهات أخرى، مبينةً في الوقت ذاته أنه من الممكن في أي لحظة أن تنفرج الأزمة الحالية مع طهران ويتجدد الدعم الإيراني للحركة.
وفي حين تحاول بعض الجهات داخل حركة الجهاد الإسلامي نفي أن تكون هناك أزمة مع طهران بشأن بعض المواقف وتوقف الدعم، وأن الأزمة الحالية ناجمة عن عدم إيجاد طريقة لإدخال الأموال الى غزة، وهو ما نفته مصادر مختلفة وأكدت أنه حتى قبل اربعة أشهر من الأزمة كانت الأموال باستمرار يتم صرفها للحركة وتصرف رواتب عناصرها بداية كل شهر بشكل منتظم.
وتتحدث مصادر أخرى عن خلافات مع طهران لدعمها لقيادات انشقت عن الحركة وعملت على تأسيس مجموعات خاصة بها مثل "حركة الصابرين "التي يتزعمها القيادي السابق في الجناح العسكري للجهاد هشام سالم والتي تتلقى أموالا حتى اللحظة من إيران وتصرف رواتب عناصرها بانتظام ما يعني أن الأزمة في الأصل تعود للخلافات وتوقف الدعم للحركة.
وحسب مصادر إعلامية، فإن حركة الجهاد الإسلامي أغلقت مكتب فضائية "فلسطين اليوم" التابعة لها في القدس، وقلصت موظفي الفضائية في رام الله ومدن الضفة وكذلك في مقرها الرئيسي بغزة.