نفذت الحكومة في غزة يوم الخميس الموافق 25/05/2017، ثلاث أحكام إعدام بحق ثلاث مواطنين، سبق وأن صدر بحقهما حكماً بالإعدام، من محكمة الميدان العسكرية في مدينة غزة.
ونشرت وزارة الداخلية على موقعها الإلكتروني تصريحاً جاء فيه: "تنفيذ حكم بالإعدام على ثلاث مدانين بجريمة اغتيال الشهيد مازن فقها، وبتهمة التخابر مع الاحتلال.
كما أكدت الداخلية في بيان أصدرته على أن تنفيذ الأحكام استند لأحكام محكمة الميدان العسكرية، وهي أحكام نهائية باتة، واجبة النفاذ لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن حسب قانون العقوبات الثوري لعام 1979م نص المادة "133".
وكانت محكمة الميدان العسكرية أصدرت في مدينة غزة يوم الأحد، الموافق 21/5/2017 ثلاثة أحكم بالإعدام شنقاً بحق المدانين: (أ. ل) (38عاماً) سكان مدينة النصيرات، والمدان (ه. ع) (44عاماً) سكان مدينة غزة، والإعدام رمياً بالرصاص على المدان (ع. ن) (38عاماً) من سكان مدينة غزة، بعد إدانتهم بتُهم الخيانة والتخابر مع الاحتلال "جهات معادية" خلافاً لنص المادة (131) من قانون العقوبات الفلسطيني الثوري لعام 1979م، للمدانين الثلاثة، والقتل قصداً مع سبق الإصرار، خلافاً لنص المادة (378/أ) من قانون العقوبات لسنة 1979 للمدان الأول "أ،ل"، والتدخل في القتل خلافاً لنص المادة (378) ، للمدان الثاني (هـ،ع).
واستندت المحكمة في أحكامها على قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير، وقد تمت محاكمة المدانين بصورة سريعة جداً مخالفة في ذلك إجراءات ومعايير المحاكمة العادلة، وبدون توفير أي ضمانات للمتهمين في الدفاع عن نفسهم .
وفي الإطار، قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، إن واجب أية حكومة هو حماية الحقوق والحريات الأساسية، وفي مقدمة ذلك الحق في الحياة، والحق في محاكمة عادلة، مشددةً على أنها لا تقلل من خطورة جرائم المدانين ولا تعني إفلات المجرمين من العقاب.
وأشارت إلى أن الاشكالية القانونية المتعلقة بالتناقض القائم بين التشريعات والقوانين الوطنية التي تقر عقوبة الإعدام وبين الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقعت وصادقت عليها دولة فلسطين والتي يجب أن تكون تشريعاتها منسجمة ومتفقة مع هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فهذه العقوبة تشكل انتهاكا سافراً للمواد (3و10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان للعام 1948، والمواد (6 و9 و 14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للعام 1976، التي تؤكد على حق الإنسان في الحياة كحق أصيل لا يجوز حرمانه منه تعسفاً، وحق الإنسان في محاكمة عادلة.
وجددت مؤسسة الضمير، في بيان تلقت وكالة "خبر" نسخة عنه، تأكيدها على بعض النقاط:
1- إن الحق في محاكمة عادلة هو حق يجب أن تكفل ضماناته قبل توجيه التهمة للمتهم وقبل وأثناء وما بعد المحاكمة، وذلك فإن كفالة الحقوق فيما قبل مرحلة توجيه الاتهام بما في ذلك حق الدفاع والاختيار الحر للمدافع والحماية من التعذيب غالباً ما تنتهك.
2- أن قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي استندت إليه المحاكم في إصدار أحكام الإعدام هو قانون غير دستوري وليس من المنظومة القانونية للسلطة الفلسطينية، ويخالف معايير المحاكمات العادلة، لاسيما حق الإنسان في المحاكمة أمام محكمة مختصة مستقلة محايدة مشكلة بحكم القانون وتتوفر فيها كافة الضمانات التي تسمح للمتهمين باستنفاذ كافة وسائل الدفاع عن النفس.
3- إن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً لحق الإنسان في الحياة وهو حق أساسي وأصيل من حقوق الإنسان وغير قابل للانتقاص حتى في حالات الطوارئ. وهي عقوبة غير رادعة بمقارنة فعاليتها مع العقوبات الأخرى، وهي عقوبة لا إنسانية ومهينة ولا تحقق الفلسفة الجنائية والإنسانية في إعادة تأهيل ودمج المدان في المجتمع.
4- يخالف تنفيذ أحكام الإعدام نص القانون ويعتبر اغتصاباً للصلاحيات حيث تنحصر صلاحية المصادقة على الأحكام برئيس الدولة.
وعبرت الضمير خلال بيانها، عن قلقها الشديد لاستمرار المحاكم العسكرية بإصدار أحكام بالإعدام وتنفيذها، مستهجنةً إقدام الحكومة في غزة على تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة دون احترام الأصول القانونية التي تحظر تنفيذ عقوبة الإعدام بدون مراعاة الإجراءات القانونية، وبدون توفير أي ضمانات للمتهمين في الدفاع عن أنفسهم.
وطالب البيان بما يلي:
1- استقلال المحاكم العسكرية والنيابة العسكرية بما يتفق مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي يحفظه القانون الأساسي الفلسطيني.
2- امتثال الجهات الرسمية الفلسطينية للالتزامات الدولية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت لها دولة فلسطين، وبخاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
3- وقف إصدار أحكام الإعدام مستقبلاً، انسجاماً مع الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، واستبدالها بعقوبة تحقق العدالة في إطار الفلسفة الجنائية والإنسانية.