أبرزت زيارة الرئيس الاميركي، دونالد ترامب، الى "حائط المبكى" وكنيسة القيامة الاسبوع الماضي كم هي القدس منقسمة لشطرين. فمن جهة عبرت زيارة "المبكى" عن الجانب الاسرائيلي برموزه، و"المبكى" هو الاكثر تاريخية فيها، ويعبر عن صلة الشعب اليهودي بالقدس؛ ومن الجانب الآخر كانت الزيارة الى كنيسة القيامة رمزا تاريخيا لكل مسيحي ومؤمن. لقد وقعت الزيارة في موعد قريب من حلول خمسين سنة لـ "يوم القدس"، والتي هي ايضا خمسون سنة للاحتلال. فالقدس لم تربط أوصالها أبدا. لهذا الغرض هناك حاجة لتأييد الفئتين السكانيتين – الاسرائيلية والفلسطينية – والتداخل فيما بينهما. في الماضي، في زمن اعظم رئيس بلدية للقدس، تيدي كوليك، كان توحيدا اجتماعيا – اقتصاديا ما.
لاسرائيل وللشعب اليهودي صلة وجدانية وتاريخية عميقة بالقدس. الصلاة للمدينة قد تكون العامل الاكثر توحيدا للشعب اليهودي بشتاته على مدى الفي سنة من المنفى. ومع ذلك، يوجد أيضا واقع آخر: التطلع الاسلامي الى الاماكن المقدسة، ولا سيما الحرم والقدس الشرقية، رموز الكفاح الفلسطيني. لا حل للمسألة الاسرائيلية الفلسطينية بلا حل لمسألة القدس. فالى جانب الضريبة اللفظية المليئة بالشفقة والديماغوجيا الموجهة للقدس على لسان السياسيين من كل أطراف الطيف السياسي، تلزمنا زعامة شجاعة كي نستوعب بانه توجد هنا مشكلة تحتاج حلا سياسيا.
تحت قيادة اسحق رابين وشمعون بيريس، تعهدت اسرائيل في اتفاق اوسلو أ، الذي تبنته حكومة نتنياهو، بخوض مفاوضات على مستقبل القدس في اطار تسوية دائمة مستقبلية. وعلى الحل ان يكون سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. من ناحية سياسية لن يكون مفر من أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية في شرقي القدس، او في اجزاء منها على الاقل. شرقي القدس مركز الحياة التجارية والتنظيمية الفلسطينية اليوم ايضا. في احياء شرقي القدس يعيش اكثر من ربع مليون فلسطيني. لا حاجة لهذا بصفته هذه ان يمس بالصلة الاسرائيلية واليهودية بالقدس. هذا فهمه كبار أصدقائنا، الرئيسان الاميركيان بيل كلينتون وبراك اوباما، وحتى ترامب سيستوعب ذلك. وهذا هو السبب الذي يجعله لا ينقل السفارة الاميركية الى القدس.
على المستوى الاجتماعي – الاقتصادي من المرغوب فيه الحفاظ على إطار لمدينة واحدة، وفيها بلديتان – اسرائيلية وفلسطينية – تتعاونان في مواضيع بلدية، بما في ذلك التخطيط والبنى التحتية. القدس بحاجة الى استثمارات دولية لتنمية البنى التحتية، الاكاديمية، صناعات الهاي تك، والسياحة. السلام في القدس سيساهم في ذلك.
من ناحية الاماكن المقدسة، على التقسيم ان يبدو كالتالي: "حائط المبكى" اليهودي يعود الى اسرائيل؛ المساجد وكنيسة القيامة تعود للفلسطينيين؛ الحرم، لب المسألة، يكون تحت نظام دولي لاسرائيل، الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي، الاردن، فلسطين والامم المتحدة، وتكون له شرطة محلية مشتركة.
هذه تسوية تحتاج لشجاعة كبيرة للاعتراف بضرورتها. ايهود باراك فعل هذا في مؤتمر كامب ديفيد في حزيران 2000. هذا الاتفاق يحتاج ايضا الى شجاعة لتطبيقه. والامر سيجلب لاسرائيل ذخائر هائلة من حيث اقامة السفارات من العالم كله، بما في ذلك من العالم العربي، في غربي القدس. في هذه اللحظة لا تعترف اي دولة بالقدس عاصمة لاسرائيل. بديل ذلك ليس الوضع الراهن، بل حرب دينية على القدس.
عن "معاريف"