قال المدعي العام السابق لمحكمة الجنايات الدولية لويس مورينو اوكامبو، إن التحقيق الذي يجريه مكتب الادعاء العام في محكمة الجنايات الدولية في ملف الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية سيؤدي على الاغلب إلى إدانة قيادات اسرائيلية، باعتبار الاستيطان جريمة حرب مستمرة، ويشكل انتهاكا قانونيا واضحا لميثاق روما ولقواعد القانون الدولي التي تحظر على قوة الاحتلال نقل سكانها المدنيين الى الاقليم المحتل.
وأشار أوكامبو خلال حلقة نقاش خاصة نظمتها جامعة القدس، اليوم الثلاثاء، إلى أن مكتب الادعاء قد قطع شوطا في فحص قضية الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، نافيا تصريحات نسبتها اليه صحيفة اسرائيلية قبل عام ونصف ان الاستيطان لا يخالف القانون، مشيرا إلى أنها ليست المرة الاولى التي تأول الصحافة الاسرائيلية التصريحات، وتحديدا أن ما ورد في الصحيفة في ذلك الوقت يخالف قناعاته القانونية الثابتة ان نقل السكان المدنيين التابعين لقوة الاحتلال يشكل جريمة حرب.
وأوضح أن القضية المرفوعة من قبل دولة فلسطين أمام محكمة الجنايات الدولية قد أربكت الجانب الاسرائيلي كثيراً، وآخذة بنقل الحكومة الاسرائيلية من موقع الهجوم الى مربع الدفاع عن النفس، مستشهداً باقتباس عن أحد القيادات الاسرائيلية أن اسرائيل باتت "تجنّد محامين أكثر من الجنود" نتيجة للشكوى الفلسطينية.
وأشاد أوكامبو بالتكتيك الدبلوماسي والقانوني الذي يقوده الرئيس محمود عباس والذي اتبعته فلسطين في تقديم طلب الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية واصفا النهج "بالعبقري"، الأمر الذي تمكنت من خلاله فلسطين ليس فقط من نيل العضوية في المحكمة، بل مكنها أيضا من انتزاع اعتراف عالمي بها كدولة تحت الاحتلال، من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأضاف أن وضعية فلسطين كدولة اصبحت حقيقة قانونية وسياسية غير قابلة للجدل، وهذا ما كان سيكون لولا الحكمة السياسية التي اتسم بها التحرك الفلسطيني، لافتا إلى أن الدعوى الفلسطينية بحد ذاتها ليست غاية وانما وسيلة ضمن وسائل سياسية ودبلوماسية متنوعة يستخدمها الجانب الفلسطيني في سبيل تحقيق غايته المشروعة المتمثلة بانهاء الاحتلال.
وشدد أوكامبو على أن الضغط الحالي الذي وّلدته الدعوى الفلسطينية أمام محكمة الجنايات الدولية وضع الجانب الاسرائيلي في موقف دفاعي، الا ان المزيد من الضغط سيؤدي بالجانب الاسرائيلي الى الوصول الى قناعة بأن لا سبيل أمامه الا بمراجعة سياساتة ازاء الفلسطينيين وتحديدا الاستيطان، وأن كل المحامين الذين سيجندهم لن يتمكنوا من حمايته من المسؤولية الجنائية عن هذه الانتهاكات، مؤكدا أهمية الدور الذي من الممكن ان تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في فضح هذه الانتهاكات وتحديدا المراكز القانونية في الجامعات.
وبحث اوكامبو مع رئيس جامعة القدس الدكتور عماد أبو كشك، سبل التعاون المشترك لغايات تطوير البرامج الاكاديمية في القانون الدولي وتعزيز مهارات التقاضي امام المحاكم الدولية المختلفة، وتم الاتفاق على تطوير برنامج دولي يضم طلبة وخبراء من محتلف الجنسيات، تحديدا من اوروبا وامريكا اللاتينية، تحتضنه جامعة القدس ويهدف الى تعزيز المهارات العملية لدى العاملين في مجال حقوق الانسان والسياسات الدولية، خاصة المهارات المتعلقة بالمرافعات الدولية والتعامل مع المنظمات الدولية ذات العلاقة، وليكون هذا البرنامج ايضا فرصة لتعريف المشاركين الدوليين بحقيقة ما يجري من انتهاكات في فلسطين.
وأجرى اوكامبو جولة في حرم الجامعة ومحيطها، اطلع خلالها على البرامج الاكاديمية المختلفة التي تقدمها الجامعة وعلى بنيتها التحتية وخططها المستقبلية، وعلى الجدار الفاصل الذي يحاذيها، معبرا عن استيائه من سياسة التضييق التي تمارسها السلطات الاسرائيلية بحق جامعة القدس، مبديا اعجابه بما حققته الجامعة من انجازات نوعية على الصعد الأكاديمية والبحثية، رغم ما تواجهه من عقبات نتيجة لسياسات الاحتلال، وتمكنها من النهوض كمؤسسة أكاديمية مرموقة.