بدأت تظهر خيوط خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الجديدة، في المقالات والصحف وهي خطة (التطبيع العربي الإسرائيلي)، أبرز بنودها، أنها تتخطى التقليد التفاوضي السالف، أي المفاوضات بين الجانبين، الفلسطيني والإسرائيلي، بحيث يصبح التفاوض بين الجانبين ثانويا!
أبرز الكاتب الإسرائيلي، إلكس فايشمن 29-5-2017 بعض بنود الخطة، حين أشار إلى رغبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات لزيارة شمال الضفة الغربية، وجنوبها، وقد طلب غرينبلات من المنسِّق الاحتلالي، يوآف مردخاي اصطحابه في جولة في منطقة، "سي" للإعداد لمبادرة إسرائيلية (من طرفٍ واحد)، تنصُّ على تحويل بعض المناطق الفلسطينية من تصنيف (سي) إلى (بي)، إي إبقاء السيطرة الأمنية لإسرائيل، وإتباعها إداريا، وماليا، للسلطة الفلسطينية! اعتذر مردخاي، وطلب موافقة رئيس الوزراء، ووزير الجيش، ليبرمان.
أشارت القناة العاشرة إلى أن المناطق التي يجري الإعداد للانسحاب (الشكلي) منها تقع ضمن خطة وزير الجيش، أي، خطة الجزرة والعصا! وتقضي الخطة أيضا، بمنح بعض تراخيص بناء في منطقة (سي) للفلسطينيين.
بعد هذه المنحة الأميركية الإسرائيلية، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" سوف يُعلن عن عقد مؤتمر عربي (سني) بمشاركة إسرائيل في واشنطن، يليه مؤتمر آخر، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
في المقابل فإن على الفلسطينيين أن يلتزموا بالتنسيق الأمني جهارا، وأن يوقفوا تمويل التحريض ومرتبات الأسرى. مع ملاحظة، لا حديث مطلقا عن التحريض الإسرائيلي على الفلسطينيين (المتسامحين)!
إنَّ خطة الانسحاب الشكلي من منطقة (سي) ستكون بالتأكيد على غرار انسحاب، شارون من مستوطنات غزة العام 2005، ذلك الانسحابُ لم يكن عفويا، وغير مدروس، بل كان انسحابا مُخطَّطا له بعناية، ليُحقِّق الأهدافَ التي أرادها الإسرائيليون، أي إحداث شرخ أبدي في منتصف الوطن الفلسطيني، وتحويل الصراع مع الاحتلال، إلى صراع فلسطيني ــــ فلسطيني ذلك الانسحاب حقَّق أبرز أهدافه، أي محو (طهارة، وقدسية القضية الفلسطينية) بعد أن تحول الفلسطينيون، بفعل خطة الانسحاب من أصحاب قضية عادلة، إلى قاصرين يحتاجون إلى الرعاية والوصاية!
للخطة الأميركية الإسرائيلية الجديدة أهدافٌ كُبرى أبرزها: تحويل قضية فلسطين، من قضية عربية وإسلامية ودولية إلى قضية ثانوية، أي قضية نزاع فلسطيني إسرائيلي على بقايا الجغرافيا الفلسطينية!
ومن أهداف هذه الخطة أيضا تغيير صيغة الدول العربية من شريك في القضية الفلسطينية، إلى متضرر من تبعات هذه القضية، لذا عليهم أن يتولوا أمر الفلسطينيين بعدة طرق، بحصارِهم والضغط عليهم، ليُوافقوا على إنجاز أي حلٍّ، تقبله إسرائيل وأميركا.
ومن أبرز أخطار هذا المشروع الأميركي الإسرائيلي أن تُصبح أميركا وإسرائيل هي المنقذ الوحيد للدول العربية، الباقية على قيد الحياة، بعد أن جرى استنساخ أنماط عديدة من التهديدات، على رأسها، التهديد بالإرهاب، الشيعي، والـداعشي، وبالأزمات الاقتصادية، والتهديد بالانقلابات والثورات، والتهديد بالتقسيم!
لقد وصلنا إلى المرحلة التي تحقَّقتْ فيها هذه المقولة:
"اختفى الصراعُ العربيُ الإسرائيليُ خلفَ الصراعِ العربي ـــ العربي، والإسلامي ــــ الإسلامي"!.