إذا أراد اليسـار أن يـعـود إلى السلطــة

اليسار
حجم الخط

يتأرجح  الائتلاف الشاب فوق مياه عاصفة كسفينة مخروقة، ويبدو أنه من أجل التغيير، ورغم المخاوف الكبيرة، فانه من الافضل البقاء في الخارج. وقبل أن تؤدي هذه الحكومة القسم عانت من أزمات وجودية، وسقوطها قبل الأوان يبدو معقولا، في حين أنه من المحظور الاستخفاف بالعقل السياسي الفاخر لبنيامين نتنياهو.
محظور على المعارضة أن تنتشي بمصاعب العلاقات الانسانية لنتنياهو، ومراكمة الأحلام حول تغيير السلطة على قاعدة مناورات الكراسي لنتنياهو. 
إن ميل كتلة الوسط – اليسار لنصب كمين للاصوات اليائسة من نتنياهو، هي أحد الاسباب التي جعلت المعسكر الصهيوني يخسر الانتخابات.
العديد من مصوتي التجمع يعتقدون أن شخصية ذات خلفية امنية ستنقذهم من الخسائر المتتالية، ويمكن لواحد من جنرالات الاحتياط الذين يسخنون على الخطوط يمكنه أن يشكل ذخرا تصويتيا ورجلا ناجحا جدا بحد ذاته، لكن دون طريق بديل مختلف بصورة واضحة عن طريق حكومة اليمين فإن نجاح «نجم» كهذا أو غيره ببساطة لن يصمد، بل إنه سيسبب ضرراً على المدى الطويل. حالة ايهود باراك تثبت ذلك. حكومة اليسار التي تنتهج  نفس السياسة حتى لو كانت بصورة اكثر أدبا، لن تؤدي إلى أي تغيير، لأنه لن يكون لها أهلية لذلك. في الاشتعال الأول سيمل الشعب من النجم الواعد ويعود الى الاصل اليميني الذي يطرح استخدام قوة بدون قيود أو تردد.
خسر مناحيم بيغن 8 جولات انتخابية الى أن نجح في إحداث تغيير بنائي في التاريخ الإسرائيلي. 
لقد نجح ليس فقط بسبب الأعطاب في  حكم «مباي»، بل أيضا، وفي الأساس، بسبب أنه قاد تحت سقف «الليكود» حيروتيين، ليبراليين، رجال حركة «ارض اسرائيل الكاملة»، وشرقيين. إذا أراد حزب العمل أن يرجع يوما الى السلطة فان عليه البحث عن معظمات قوة كهذه، وكذلك عن طريق لإدخالهم تحت سقف واحد. من المحظور التنازل عن مصوتي «الليكود» في المحيط وكذلك عن الجمهور المتدين، الذي لا يدعم بصورة تلقائية التطلعات الكولونيالية المسيحانية، لكن العنوان التصويتي الاكثر وضوحا لاحياء اليسار هو «عرب اسرائيل».
ذهب اسحق هرتسوغ لدعم المتظاهرين في ديمونا. هذه خطوة مهمة، وفي الاساس على خلفية حقيقة أن اغلبيتهم لا يصوتون له، وكما يبدو وكما اظهرت الانتخابات الاخيرة، لن يصوتوا. كان يجب على هرتسوغ أن يذهب ايضا الى مظاهرات العرب ضد هدم منازلهم، التي جرت في الشهر الماضي في ميدان رابين.
أن يخطب في ميدان مليء باعلام السلطة الفلسطينية – يبدو ذلك نصيحة سيئة جدا لمن يريد أن ينتخب كرئيس لحكومة اسرائيل، وفي الاساس لأن الرسوم الكاريكاتورية له مع احمد الطيبي كانت هي القاعدة الابداعية لحملة «الليكود». لكن هذه بالضبط النقطة المهمة. في اللحظة التي يتوقف فيها حزب العمل عن بث الخوف من الهوية الكاذبة التي فرضها عليه اليمين كـ «عملاء لداعش»، فان هذا التهديد سيفقد سحره. طالما أن «العمل» والوسط – اليسار بمجمله يبثون أنه توجد «مشكلة مع العرب»، أي أن الاعتماد على اصواتهم غير شرعي، فان الجمهور اليهودي سيواصل تفضيل اليمين الواضح الذي يقول الامور كما هي.
يبدو زعيم القائمة المشتركة، ايمن عودة، كمن يريد أن يقود تعاونا عربيا – يهوديا في اقامة معسكر ديمقراطي، علماني، يرتكز الى التعايش وحل سياسي للنزاع. اذا نجح في أن يقود خلفه كتلة حاسمة من الاشخاص الذين يحملون الافكار ذاتها، والذين يعترفون بحق الشعب اليهودي الى وطن قومي في «ارض اسرائيل»، إلى جانب حق الفلسطينيين بحياة متساوية وحرة – فسيكون هناك احتمال لارتفاع رافعة اليسار، ليس كرد مضاد لشيء ما بل كعمل نابع من قلب الجمهور. هكذا يسيطرون على الحكم.

 عن «هآرتس»