التصريح الأخير لرئيس الولايات المتحدة، براك اوباما، الذي قال فيه إن اتفاقا شاملا بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية غير ممكن في السنة القادمة، يعبر عن المستقبل القريب للسياسة الخارجية الأميركية بشأن النزاع.
يدعي اوباما في الواقع بأنه لا ينوي أن يكرس لهذه القضية وقتا وجهدا كبيرين، رغم ادعائه أنه سيواصل «الدفع بالاتجاه الذي نؤمن به».
أقواله هذه هي شهادة تقدير سياسية استراتيجية لاسرائيل ولرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي بدأ برنامجه السياسي عندما شكل حكومته الثانية في العام 2009.
وتركزت في محاولة لتقليص السلبيات السياسية التي جلبها أوباما معه إلى البيت الابيض.
مع أداء اليمين ليكون رئيسا عرض اوباما سياسة مؤيدة للفلسطينيين بصورة واضحة في الساحة الدبلوماسية، واستخفاف واضح بمطالب اسرائيل. وكمحاولة للتغطية على ذلك ولعرض صورة متوازنة أمام المواطنين اليهود الأميركيين وأمام الاسرائيليين، عزز اوباما علاقاته مع اسرائيل في المجال الأمني.
نبعت الفروق بين الادارة الأميركية والحكومات الاسرائيلية، طوال فترة ولاية اوباما كرئيس، في الاساس من سمات القائدين. من جانب فان نتنياهو اجتماعيا محافظ، واقتصادياً ليبرالي وأمنياً واقعي سياسي. ومن الجانب الآخر اوباما اجتماعيا ليبرالي، اقتصاديا اشتراكي، وليبرالي من الناحية السياسية العسكرية. في الواقع يتعلق الامر بشخصيتين متعاكستين تماما، وهكذا بكون اوباما صاحب مقاربة مناوئة للامبريالية، التي ترى في ساحة العالم لعبة محصلتها صفر، فيها لا تستطيع الدول أن تكسب معا، بل الواحدة على حساب الاخرى، وصف الفلسطينيين كضحايا وبأنهم الجانب الضعيف في حين أن اسرائيل نظر اليها كآخر كولونيالية غربية، تتسبب بعدم الاستقرار الاقليمي.
الخطوات الاستراتيجية لنتنياهو في الولايتين الاخيرتين حاولت ونجحت في الوصول الى طريق «تتجاوز اوباما». مع دخوله المنصب، أعلن نتنياهو الموافقة على حكم ذاتي فلسطيني منزوع السلاح الى جانب دولة اسرائيل (خطاب بار ايلان)، وبشروط لم يكن أبو مازن ناضجا للموافقة عليها. في الوقت ذاته وافق على تجميد البناء في المستوطنات مدة عشرة اشهر، وفي الولاية الاخيرة أطلق سراح «مخربين» مقابل البدء في المفاوضات.
هذا التكتيك عرض أبو مازن كرافض منهجي. «الثمن» الذي دفعته اسرائيل في هذه الخطوات قليل جدا مقابل الفائدة التي حصلت عليها من احباط مبادرات اوباما لفرض اتفاق سياسي سيئ.
الى جانب تصريحه الاخير، أضاف الرئيس بأنه رغم أنه لا تبدو هناك امكانية للوصول الى اتفاق في المستقبل القريب، «يجب محاولة اعادة بناء الثقة عن طريق اعمال الاعمار في قطاع غزة، وخلق فرص لمشاريع وأماكن عمل في يهودا والسامرة وغزة».
بهذا فقد انتظم في الصف مع سياسة رئيس الحكومة، التي وفقا لها وعلى ضوء عدم الاستقرار في الشرق الاوسط الملتهب، وتقوي «الجهاد العالمي» وتفكك دول القومية، يجب التركيز في هذه اللحظة على ادارة النزاع والحصول على استقرار وعدم محاولة حله عن طريق المغامرات.
عن «إسرائيل اليوم»
بالصور.. ميتروفيش يمنح الهلال فوزا ثمينا على أهلي جدة
06 أكتوبر 2024