تواصل أجهزة الاستخبارات في المنطقة، وبينها الاستخبارات الإسرائيلية، متابعة الأحداث على طول الحدود العراقية – السورية، وما يوصف بإقامة تواصل جغرافي، تنفذه إيران، من العراق، وعمليا من إيران، إلى بيروت، بحيث يصبح بالإمكان نقل قوات وأسلحة عبره إلى سورية وكذلك إلى حزب الله في لبنان.
وأفاد تقرير نشرته صحيفة 'هآرتس' في عددها الصادر اليوم الأحد، بأن 'ميليشيات شيعية' في العراق وسورية تتنقل باتجاه الحدود بين الدولتين بقيادة إيران. وأضافت أنه في حال نجحت هذه المليشيات بالانضمام سوية من كلا جانبي الحدود وإنشاء شريط يتم السيطرة عليه بإحكام، فإنه ستتمكن إيران من إقامة ما يشبه ممر بري ومتواصل يكون بإمكان الإيرانيين أن ينقلوا عبره بحرية قوات وأسلحة وقوافل إمدادات من طهران، عن طريق العراق، إلى نظام بشار الأسد في سورية وحتى إلى حزب الله في لبنان.
وتعتبر أجهزة الاستخبارات أن إنشاء هذا التواصل البري يأتي استمرارا للإنجاز الذي سجله المحور الذي تقوده إيران في المنطقة، بفضل التدخل الروسي في الحرب السورية لمصلحة النظام، وأنه في أعقاب الانتصار الذي حققه هذا المحور بالسيطرة على حلب، في نهاية العام الماضي، يوسع النظام وحلفاؤه، بشكل تدريجي وبطيء، سيطرته على مناطق أخرى في سورية.
وأضافت الصحيفة أنه في موازاة ذلك، يساعد الإيرانيون بواسطة مليشيات شيعية محلية في المعركة التي تقودها الولايات المتحدة والحكومة العراقية ضد تنظيم الدولة الإسلامية' (داعش) في الموصل، مشيرة إلى أن إبعاد 'جاعش' عن الحدود تسمح للمليشيات المرتبطة بإيران بالاستيلاء على مناطق إستراتيجية في المنطقة الصحراوية الواقعة غرب الموصل وقريبة من الحدود مع سورية. وترافق هذه المليشيات خبراء ومستشارون إيرانيون.
وقال مدير عام وزارة شؤون الاستخبارات الإسرائيلية، حغاي تسوريئيل، إن 'الحدود بين سورية والعراق هي المكان الأهم في المنطقة الآن. وهناك ستحدد صورة الوضع الإقليمي'.
وقال ضابط إسرائيلي كان مسؤولا عن الخطة العسكرية لإلقاء القنبلة الذرية، إن هذه الخطة كانت ستردع مصر وسورية والعراق والأردن* والخبير الذي أجرى معه المقابلة وتنشرها "نيويورك تايمز" يقول إن "هذا السر الأخير لحرب 1967"
وأضاف تسوريئيل، وهو رئيس سابق لدائرة الأبحاث في الموساد، أن إنشاء تواصل بري بتأثير إيراني سيغير التوازن الإستراتيجي في الشرق الأوسط. وقال إن 'إيران، بمساعدة المليشيات الشيعية وبالتعاون مع قوى أخرى، تواصل القيام بخطوات هدفها توثيق سيطرتها في سورية'.
وتابع تسوريئيل أن إيران تجري اتصالات مع نظام الأسد من أجل استئجار ميناء في شمال غرب سورية، بشكل يسمح لطهران موطئ قدم في البحر المتوسط. وأوضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حذر من خطوة إيرانية كهذه أثناء زيارته الأخيرة إلى موسكو، في آذار/مارس الماضي.
ويرى الإسرائيليون أن سورية لا تزال ساحة المواجهة الأساسية وصراع القوى بين الدول العظمى، وفيها تُبرم التحالفات المؤقتة والطويلة الأمد، رغم تراجع التغطية الإعلامية للأحداث في سورية، في أعقاب 'استقرار نظام الأسد بفضل الدعم العسكري السوري والسيرك الإعلامي اليومي الذي يصنعه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من حوله'.
ويعتبر الإسرائيليون أيضا، أن إيران مستمرة في التقدم نحو تحقيق أهدافها الإستراتيجية على الرغم من صفقة الأسلحة العملاقة التي أبرمها ترامب أثناء زيارته إلى السعودية، قبل أسبوعين، وتعبيره عن دعمه لدول الخليج وتحذيره من نوايا إيران.
وليس واضحا لإسرائيل بعد، وفقا للصحيفة، ما إذا كانت الإدارة الأميركية تخطط لخطوات فعلية لكبح التأثير الإيراني. إذ أن معظم الخطوات العسكرية الأميركية في المنطقة موجهة ضد 'داعش'.
وأشارت الصحيفة إلى أن التصريحات الإسرائيلية الرسمية المتعلقة بسورية تركز على الأحداث بالقرب من مثلث الحدود الإسرائيلية – الأردنية – السورية، وخاصة توقع عودة قوات النظام السوري للسيطرة التدريجية على طول خط وقف إطلاق النار في هضبة الجولان المحتلة، التي تصفه إسرائيل بأنه حدودها مع سورية. وعبرت إسرائيل عن معارضتها الشديدة لانتشار قوات من حرس الثورة الإيرانية ومقاتلي حزب الله في هذه المنطقة في حال نجاح النظام بإعادة سيطرتها عليها.
وتعتبر "إسرائيل" أنه عند الحدود العراقية – السورية تتطور الأحداث الأهم، كونها قريبة أيضا من الحدود الأردنية ويمكن أن تؤثر على الأردن، ولذلك فإن تبعاتها في غاية الأهمية لأن هذه التطورات يمكن أن تؤثر على المنطقة في السنوات المقبلة.