إسرائيل عاشت بسلام دون القدس الشرقية

20170506102503.jpg
حجم الخط

للتسليم حدود. هذا ما فهمه ترامب أخيرا في ذكرى مرور خمسين سنة على سيطرة اسرائيل على البلدة القديمة في القدس. تعاطى القادة العسكريون في اسرائيل مع الأمر على أنه عبء وليس ذخراً – بن غوريون واشكول وديان ورابين. وقد بكوا عندما سقطت في أيدي الاردن في العام 1948، لكنهم فضلوا عدم العمل من اجل تغيير الواقع الذي تم تثبيته في اتفاق وقف اطلاق النار في العام 1949.
وعندما سعوا ايضا الى الحرب في جبهات اخرى، لم يبحثوا فرصة احتلال الحرم. على العكس حاولوا تصحيح الخط في اللطرون والالتحام مع جبل المشارف.
ليس هناك تضليل أكبر من صورة موشيه ديان في باب الاسباط، كرأس سهم لرابين وقائد المنطقة الوسطى عوزي نركيس. وكأنها اشارة الى «حائط المبكى».
إن هذه الصورة مناقضة لألف كلمة قالها ديان، مثل صورته وهو يتسلم الكاسحات التي عارض شراءها.
بصفته رئيس اركان يسارع الى الحرب، اختار ديان مبررات بدت أكثر جوهرية من اجل الجيش. مثلا موقع «تسيبور» التابع لسلاح البحرية، الذي أراد اقامته في العام 1955 في أسفل البحر الاحمر في إيلات من اجل تبرير المعركة على الفتحة في أعلى الزجاجة، مضائق تيران، على أمل السيطرة على شرم الشيخ. تلاشى هذا الأمل. لقد فهم أن القدس الشرقية، حتى لو سقطت في الحرب في أيدي اسرائيل، فانها لن تبقى تحت سيطرتها. فالقوى العظمى وعلى رأسها بريطانيا، لن تسمح بهذا الأمر.
في حرب 1956 تم ترسيم جزء للأردن ايضا، سمي بـ «عدولم»: «القيادة الوسطى ستقوم بالدفاع عن مواقعها ضد هجمات العدو وتحتل في المرحلة الثانية جبل الخليل وشمال القدس»، أي جبل المشارف وليس «حائط المبكى».
لقد أثبتت حرب 1956 مرة اخرى، بعد الانسحاب القسري من شمال سيناء في عملية «حورف» في نهاية 1948، بأنه لا فائدة من سفك الدماء من اجل انجاز عسكري آني وعابر. لذلك جاء في الخطة متعددة السنوات للجيش الاسرائيلي في ربيع 1967، «مكابي»، أن اسرائيل توافق على التوازن الذي تحقق، وهي لا تسعى الى تغيير الحدود. المخططون كانوا يحلمون بأنه من الجيد اضافة اللطرون وجبل المشارف الى اراضي الدولة. وكانت الحدود مع لبنان ستكون من صفين حتى الليطاني. وأن تكون المناطق منزوعة السلاح متفقاً عليها مع سورية. إلا أن هذه الاهداف، و»حائط المبكى» أيضا، لم تكن ضمن «أهداف سيتم احتلالها»، كما قال ديان في المذياع في 5 حزيران.
لم يتم وضع قوات للقيادة الوسطى من اجل احتلال البلدة القديمة. كتيبة المظليين الاحتياط، التي شاركت في النهاية في المعركة على القدس، أصبحت قادرة على ذلك بسبب سرعة احتلال سيناء. صحيح أنه جرت تدريبات في معهد الأمن القومي وكتبت أبحاث حول القدس الشرقية، وتحدث الضباط عن افكار، إلا أن هذا الامر كان اهتماما تكتيكيا وليس استراتيجيا. وفي العام 1963 اثناء عملية تدريب محلية، خطط قائد الكتيبة، افيف برزيلاي، لاقتحام أسوار البلدة القديمة في القدس قرب بوابة صهيون من خلال جرافتين تقومان بوضع مئات الكيلوغرامات من المتفجرات من اجل هدم السور هناك. قائد الوحدة الخاصة، يوسي لانغوتسكي، تذكر بأن المستوى الداخلي أعلى من المستوى الخارجي. الدكتور زئيف فلنائي، الذي كان مطلعا على السر، طالب بعدم اقتحام السور بهذه الطريقة.
لقد عاشت اسرائيل بسلام بدون القدس الشرقية، وهي تستطيع العيش بسلام ايضا دون السيطرة عليها. ويكفي الوصول اليها بحرية من خلال اتفاق، اضافة الى القضايا الاخرى التي تحتاج الى الحل الوسط. يحظر السماح للمتدينين من الطرفين بافشال السلام. إنه أهم من القدس مثلما كان أهم من شرم الشيخ. يمكن العيش بدونها، وهذا الثمن يمكن تحمله في سبيل وقف تهديد الحرب الى الأبد.

عن «هآرتس»