نجحَ الثلاثة فى أن يجعلوا بلدهم الصغير الثرى.. المكان الأكثر سَخطاً فى العالم الإسلامى.. نجحَ ثلاثتُهم فى تحويل البلد الذى يرفل فى نعيم الطاقة.. ويشهد تطوراً هادئاً وجاذباً.. إلى مركزٍ كبيرٍ لصناعة الكراهية وتجارة الدمّ.
(1)
نجحَ الشيخ حمد بن خليفة والشيخ حمد بن جاسم والشيخ تميم بن حمد.. فى أن يهيلوا التراب على صورة قطر الجيّدة.. ويجعلوا من اسم بلادهم عنواناً على الفتنة والحقد وتكسير الأوطان والشعوب.
كان يمكن للأب والعمّ والابن.. أن تصبح بلادهم الدولة الأكثر جاذبيةً فى العالم.. فالثراء لا حدود له.. والمليارات تجرى فى وطن يُعدّ سكانه بالآلاف.. كما أنّهم بحجمهم المحدود وانزوائهم الجغرافى لم يكونوا محلاً لصراعٍ أو صدامٍ.. لكن مثلث الشر اختار إرهاق بلاده والعالم. وبدلاً من أن يكونوا باباً للخير والرخاء لأمةٍ متهاويةٍ.. صنعوا أبواباً هائلةً من الجحيم.. أرادوا منها تقسيمَ المقسّم وتجزئة المجزّأ.. وجعل المسلمين بعضَهم لبعضٍ عدو.
(2)
لم يدرك «مثلث الشر» أن السياسة تدور كما تدور الأرض.. وأن المواقع تتبدّل كما يتبدّل الليل والنهار.. وأن الكأس التى جرى إعدادها للآخرين.. ستدور هى ذاتها لتسقى الصانعين.
وها هو الإعلام العربى يذيق قطر ما أذاقته «الجزيرة» بلدانهم.. لم تصمُد «الجزيرة» دقيقة واحدة أمام توحّد الإعلام العربى.. وراحت تتوسّل نشر تكذيب الأمير لحديثه الصادِم.. ورغم نفى «الجزيرة» على مدار الساعة.. فإنّ أحداً لم يسمع بهذا التكذيب.. حيث دخلت «القناة الشهيرة» مرحلة «الحجم الطبيعى».. أصبحت «الجزيرة» قناةً محليةً، سحقها تحالف «العربية - سكاى نيوز» فى لحظات.. كما قضى عليها الإعلام المصرى.. الذى كان الممهّد الرئيسى لرحلة «الحجم الطبيعى».
(3)
اليوم تواجه قطر أزمة سمعة ومكانة.. وتشهد تهدّم البناء العملاق للصورة، التى جرى إنفاق أكثر من تريليون دولار على تشييدها.
اليوم «قطر فى خطر».. وليس «الأمير فى خطر». ذلك أن الحملات الإعلامية الجديدة.. تضرب فى عمق الدولة والأسرة.. بعد أن تجاوزتْ الضرب فى السياسة والصحافة.
اليوم.. لم يعد الشيخ تميم آل ثانى من نسل الإمام محمد بن عبدالوهاب.. بعد أن وقعت عائلة الإمام بياناً يتصدّره مفتى السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ.. يتبرّأ من الأمير.. ويقطع بأنّه ليس من نسل الإمام محمد بن عبدالوهاب.. ويطالب بإزالة اسمه من المسجد الكبير المسمّى باسمه فى الدوحة!
اليوم أيضاً.. لم يعد «تميم» موضع تسليم بشرعية سلطتِه.. وبدأ البعض يتحدّث عمّا قبل انقلاب الجدّ «الشيخ خليفة» على ابن العمّ «الشيخ أحمد بن على».. واحتمالات عودة نظام ما قبل الجدّ. ويتحدّث آخرون عن «الشيخ مشعل» و«الشيخ فهد» ابنى الشيخ حمد من زوجته الأولى.. وحقّهما المنهوب فى ولاية الحكم.. ويتحدث ثالثون عن الشيخ «جاسم بن حمد» الشقيق الأكبر للشيخ تميم، الذى تجاوزته الوالدة الشيخة موزة، لصالح ابنها الثانى «تميم».
لم يكن شىء من ذلك محلاً للنقاش قبل شهرٍ واحدٍ.. اليوم هذا وغيره أصبح مادةً للنقاش والحوار، ومصدراً رئيسياً لعدم الاستقرار.. ذلك أن كثيرين سوف يراهنون على احتمالات تغيير النظام.. وأنه لن يعود التكتل العائلى للأسرة الحاكمة كما كان.
(4)
لقد توالت عمليات التصدّع فى البيت القطرى.. وتوالت حملات تعمل على توثيق عدم انتماء «مثلث الشر» إلى «بنى تميم» وإلى أحفاد «القعقاع بن عمرو».. بل إنهم من أحفاد «قطرى بن الفجاءة» الشاعر المعروف.. الذى كان من قادة الخوارج.
لم يعد الجدل فى الإعلام الآن حول حقيقة عدم النسب إلى الإمام محمد بن عبدالوهاب.. أو عدم النسب لـ«القعقاع بن عمرو» الذى أنتج الأمير مسلسلاً لتمجيده وترسيخ النسب له.. بل صار حول الأصول الخوارجيّة لمثلث الشر.
ورغم ما يعترى ذلك من احتمالات عدم الدقة.. فى أتون حرب إعلامية ضروس.. وحرب تحطيم للمكانة.. غير مسبوق.. فإنّ المؤكد أن قطر 2017 ليست قطر السابقة.. وأن الجدل امتدّ من السياسة إلى العائلة، ومن التطرف إلى العِرق.. ومن الدور إلى النسب!
اليوم يحصد «مثلث الشر» ما زرع.. ولم يعُد أمامه إلاّ الاستسلام للهزيمة.. ووقْف المسار السابق.. من النّفاق الدولى والعداء للأمّة.. ودعم الإرهاب.. وتخريب الأوطان. اليوم يتحدّث الإعلام عن «الانقلاب السادس» فى قطر.. ما لم يحدِث النظام تغييراً جذرياً وتصويباً كاملاً.
(5)
لقد أصبحت المعادلة هى: قطَر ضدّ قطَر.. وأصبح التحدّى هو: كيف يمكن لقطر أن تنقِذ قطَر من نفسها.. أن ينقِذ القطريون بلادهم من أداءٍ عميل، ودورٍ كريه.. ومصيرٍ مؤلم.
فى قولةٍ واحدةٍ.. تحتاج قطَر إلى أن تعودَ كما كانت.. قطَر فقط.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر..
عن الوطن المصرية