كشفت مصادر فلسطينية أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ينتظران خطة أميركية يفترض أن يطرحها البيت الأبيض على الجانبين من أجل استئناف المفاوضات.
وتوقعت المصادر خلال حديثها لـ"الشرق الأوسط" اللندنية، أن يطرح الأميركيون خطة للحل تتضمن أفكاراً أميركية جاهزة حول القضايا الأكثر حساسية، وهي: الحدود، والقدس واللاجئين، على أن تجري مناقشة هذه الأفكار وتعديلها خلال المفاوضات بطريقة ترضي الطرفين.
وأشارت إلى أنه لا توجد ملامح واضحة للتصور الأميركي المرتقب، لكنه سيضع رؤية لطبيعة الحلول بالنسبة للقضايا المصيرية والتي هي محل خلاف كبير، مبيّنةً أن الرؤية الأميركية ستتضمن أفكاراً سياسية وخططا أمنية، باعتبار الولايات المتحدة ضامناً للحل، بما في ذلك الحل الأمني الذي ستشارك فيه.
ويفترض أن يسافر وفد فلسطيني مكون من 5 مسؤولين، إلى الولايات المتحدة من أجل مباحثات مع وفد أميركي مكون من 5 مسؤولين أيضاً، لبحث تفاصيل متعلقة بالملفات النهائية للحل، فيما يعتقد أن وفداً إسرائيلياً سيقابل وفداً أميركياً للغرض نفسه أيضاً.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، طلب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إرسال وفد خماسي إلى واشنطن من أجل مباحثات حول "الصفقة" الأميركية المرتقبة.
ويطلق على المفاوضات المرتقبة مفاوضات "خمسة خمسة"، في إشارة إلى عدد أعضاء كل وفد.
ويسعى ترمب لإطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة، ومارس ضغطا على عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أثناء لقائهما في القدس وبيت لحم، قبل نحو أسبوعين، لكن الأميركيين يقولون إنه لم يتم بعد وضع آليات رسمية للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.
لكن الخلافات الفلسطينية - الإسرائيلية تجددت أمس، حتى قبل وضع مثل هذه الآليات؛ فقد هاجمت السلطة الفلسطينية رئيس الوزراء الإسرائيلي، واتهمته بمحاولة عرقلة جهود ترمب. وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حول السيطرة الأمنية الإسرائيلية الدائمة في حال الوصول إلى اتفاق سلام، هي بمثابة رسالة "لإدارة ترمب وللمجتمع الدولي بأسره، مفادها أن إسرائيل غير مستعدة لتحقيق السلام القائم على مبادئ العدل، والشرعية الدولية".
وأضاف أبو ردينة في تصريح صحافي: "هذه التصريحات مرفوضة، وتعمل على خلق مناخ يساهم في تعقيد الأمور، ولا يساعد إطلاقا في إنجاح الجهود المبذولة لإيجاد حل يؤدي إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم". وتابع: "لقاءات الرئيس محمود عباس مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب كانت جدية وواضحة، ومهدت لخلق فرصة نادرة لتحقيق السلام، تحاول إسرائيل إضاعتها، من خلال بث مثل هذه التصريحات الرافضة لأسس العملية السياسية". وأضاف: "الجانب الإسرائيلي، ومن خلال إطلاقه هذه التصريحات المتكررة، يحاول عرقلة كل الجهود العربية والدولية، بخاصة الأميركية الهادفة لتهيئة الأجواء لإطلاق عملية سياسية جادة، الأمر الذي سيؤجج الصراع في المنطقة، وسيدفع بالأمور إلى مزيد من التفكك، في ظل نظام إقليمي وعالمي متصدع، ما سيترك آثاره على المشهد السياسي لسنوات طويلة وصعبة".
كما استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، تصريحات نتنياهو، وقال: "إن تعهده بأن القدس ستظل دائماً عاصمة لإسرائيل، وأن تبقي دولة الاحتلال سيطرتها العسكرية على الأراضي الواقعة غربي نهر الأردن، في إطار أي اتفاق سلام مقبل مع الفلسطينيين، وبالإصرار على اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل وطناً للشعب اليهودي، إنما هي محاولات يائسة لتأجيل دفع الاستحقاق الذي ستدفعه الحكومة الإسرائيلية مهما ماطلت وراوغت".
وانضمت وزارة الخارجية للهجوم على نتنياهو، وقالت إنه يحاول "قطع الطريق أمام الجهد الأميركي والدولي المبذول، لاستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني، والإسرائيلي".
وأوضحت الخارجية في بيان لها أن «محاولات نتنياهو تتبين من خلال سعيه المتواصل لوضع (العربة أمام الحصان)، وتكرار اشتراطاته، ومواقفه التعجيزية لإعاقة إطلاق عملية سلام حقيقية»، مشيرة إلى أنه أطلق أعمق عملية تنكر للاتفاقيات الموقعة، من خلال جُملة من المواقف العنصرية المعادية للسلام، التي تعبر عن آيديولوجيته الظلامية المتطرفة، محاولا إرضاء جمهور ناخبيه من المستوطنين، واليمين في إسرائيل.
وشددت على "هذه (الصراحة) الإسرائيلية في معاداة السلام، ورفض الجهود الدولية الرامية لاستئناف المفاوضات، تتحدى مصداقية المجتمع الدولي، وتدفعنا إلى التساؤل: ما هو البديل الذي يتبناه المجتمع الدولي لمواجهة رفض إسرائيل العلني للشرعية الدولية، وللمفاوضات الحقيقية مع الجانب الفلسطيني؟ وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي صامتاً أمام هذه العنجهية الإسرائيلية اللامحدودة، وأمام الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، جراء استمرار الاحتلال والاستيطان".
ويذكر أن نتنياهو قد قال، خلال حفل أقيم في متحف للجيش الإسرائيلي بالقدس، بمناسبة مرور 50 عاماً على حرب يونيو (حزيران) 1967: "نحن نريد صنع سلام حقيقي مع أعدائنا، ولذلك نصر على أن يعترف الفلسطينيون بالدولة، ونصر على أن تبقى قواتنا في غرب الأردن، سواء يوجد اتفاق أم لا".
وتابع حديثه: "هذا هو أساس السلام، وإسرائيل لن تعود إلى الوراء، لن تضع مصيرها بأيدي الغير، وستعتمد على نفسها فقط في الدفاع عن ذاتها".