الرمضان العربي

رامي مهداوي.jpg
حجم الخط

المتابع للمسلسلات المتنوعة بين_ الأكشن، الكوميدي، الدجل والشعوذة والداعشية_ والبرامج والأعمال الدرامية وحتى الإعلانات الرمضانية سيجد علاقة لما وصلت به الأمة العربية والإسلامية من واقع أشبه ما يكون بواقع "رامز تحت الأرض" دون أي رد فعل أو الشعور بـ "الصدمة"، ويجب علينا أن نعترف بأن "عشم إبليس" بالجنة هو عشم العرب بالتوحد.
ما حدث مع دولة قطر يؤكد أن العرب يعيشون حالة "فوبيا" الانقسام على بعضهم البعض، فنجد الدول التي لم تنقلب وتنقسم على ذاتها، اشتبكت مع الدول المجاورة لها. وعلينا أن نعترف بأن بوابة العالم العربي "باب الحارة" تحرسه الولايات المتحدة الأميركية، فأصبحت الآمر الناهي في جميع مجالات حياتنا، وزيارة الرئيس ترامب للمنطقة أثبتت أن العرب يعيشون في "عالم سمسم".
قراءة بسيطة للتاريخ والحاضر ستجد عزيزي القارئ؛ أن القيادة العربية وجامعة الدول العربية مع مرور الوقت تفقد "الهيبة" ليس فقط أمام المواطن العربي، وإنما أمام المنظومة الدولية بمختلف مكوناتها، والأجيال العربية القادمة ستدفع الفاتورة، لأن ما يحدث هو احتلال غير مباشر يتم امتصاص ثروات العرب بمحض إرادتهم ومباركتهم، ليصبح حالهم أسوأ من اتفاقية( سايكس بيكو 1916) بعد تهاوي الدولة العثمانية، لهذا وصلنا مرحلة "من الصفر" وربما تحت ذلك.
حتى على الأصعدة الاجتماعية والثقافية وما وراء المشهد لأغلب الأعمال الفنية الرمضانية نجد أن هناك محاولات لإرسال "رسائل" أين وصلت سلوكيات المواطن العربي واهتمامه الكامل بالجنس والشهوات، وكأن العرب يعيشون ظمأ الحب والعشق، وهم في حالة بحث مستمر عن "الحلال" من خلال التغلب على حياة الفقر بالعمل مع الدجالين والمشعوذين!! أصبح المواطن العربي بحاجة إلى "طلقة حب" كنوع من الدواء في علاج "جنان نسوان" أو الهروب من "أزمة عائلة" ما زالت المجتمعات العربية تتعامل معها بتحفظ!!
ومن زاوية أخرى نجد أن "طاقة القدر" عند المجتمعات العربية تفتح من خلال تجارة المخدرات والخروج عن القانون، وهذا ما يتم تصويره بأن المناطق الشعبية والفقيرة هي المصدر الأساس لخراب الدولة، والابتعاد عن السؤال الأساس: ماذا قدمت الدولة من خطط وبرامج تنموية لتطوير القطاعات المختلفة في فضاء المناطق المهمشة؟ ما نحن بحاجة له "لحظة" من التفكير العلمي لمعالجة الجهل والصورة النمطية للمجتمع العربي من خلال توسيع مدارك الجمهور المشاهد بتقديمنا لهم المعارف والمعلومات بطريقة جذابة وسلسة حتى يستطيع الخروج من الدائرة المغلقة التي وضع ذاته بها.
وإذا ما نظرنا بلمحة سريعة إلى الإعلانات التجارية في شهر رمضان فهي أيضاً تأثرت بواقع المجتمع العربي، فنجد على سبيل المثال إعلان شركة للاتصالات يركز على محاربة الإرهاب والأنظمة الديكتاتورية وتأكيد قيم التسامح، عبر تصويرها لقصة قصيرة تدور حول إرهابي يريد تفجير نفسه، فيواجهه ضحايا الإرهاب، وهناك العديد من الإعلانات الدعائية التي تناولت قيماً وأخلاقاً بدأ المجتمع بفقدانها.
علينا "العودة" لواقعنا ومعالجته ليس فقط فكرياً، فقد شبع المواطن العربي من صواريخ "أرض جو" ومن التنظير الأيديولوجي، فجميعنا يبحث عن "الحصان الأسود" داخل سفينة "نوح"، المواطن العربي للأسف أقولها يعيش الآن "بين عالمين" متمثلين بالاغتراب في وطنه والموت السريري. فالإعلام العربي مطلوب منه الآن بث "طاقة نور" للمجتمع العربي بالتالي للفرد الذي نعتبره أثمن ما نملك "لأعلى سعر"، هذا ما يطمح به المواطن العربي أن تكون جميع مشاكله "خلصانة بشياكة".